20 سبتمبر 2025

تسجيل

يوميات مقيم في قطر

09 يونيو 2018

الوصايا العشر  للمقيمين بقطر، كان أبرز ما تم تداوله في قطر ثالث أيام الحصار، تلك الوصايا التي التزم بها كل من يسكن قطر حرفيًا إلى يومنا هذا، وهي التي آتت أكلها بعد عام من الحصار، العشر وصايا اعتبرها المقيمون بقطر قانونًا صارمًا، وإلى اليوم لا يعرف مصدر هذه الوصايا؛ ولكنها بالفعل رسمت خارطة طريق مواجهة الحصار، ولا شك أن اختيار هذه الوصايا جاء بعناية فائقة ورؤية دقيقة أسهمت في استقرار الأوضاع في قطر اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.    أولًا: على المقيم عدم ترويج الأخبار غير المؤكدة، وأهم شيء الحذر من الإشاعات الكاذبة، كانت هذه الوصية تاجًا على رؤوس المقيمين بقطر من أجل بلد بلا إشاعات، وهذا ما كان وكنا عليه، فمصادرنا في الأخبار قطرية مائة بالمائة، ولم ولن ولا نلتفت إلى أخبار دول الحصار.    ثانيًا: عدم التكالب على تخزين السلع الغذائية؛ لأن ذلك يخلق أزمة غير حقيقية، وبالفعل رأينا من اشترى أكثر من حاجته، ورأينا نقصًا في أرفف مواد غذائية، لكن هذا لم يدم ليس لأيام وإنما لساعات، كنت إذا لم أجد شيئًا في المساء أجده في الصباح في المتجر نفسه كالميرة وغيرها، فكانت هذه النصيحة للمقيمين وتذكير لهم بأنكم في قطر فلا تقلقوا.    ثالثًا: ترشيد الاستهلاك والطاقة، وعدم الإسراف والتبذير، والحرص على مشروع قطر الخيري في حفظ النعمة، وهذه الوصية مفعلة في دولة قطر قبل الحصار، فهو  برنامج وطني معمول به في كهرماء وغيرها، فكان مجرد إعادة التأكيد عليه في ظرف الحصار من باب أولى.    رابعًا: التمهل باتخاذ قرارات مالية متعجلة تضر بالاقتصاد الشخصي، هذه الوصية تخص الأفراد لا المؤسسات ولا الشركات ولا الدولة، لأننا رأينا رأي العين كيف أن اقتصاد قطر كان أقوى من الأزمة، فبعض المقيمين أرادوا سحب رصيدهم من البنوك القطرية، وبعضهم حاول تحويلها إلى الدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي، وبعضهم سعى لتحويل كل ريال يملكه إلى بلده، كل ذلك كان خوفًا في غير محله، فكانت النصيحة المبكرة أن حقوقكم محفوظة في قطر فأنتم في قطر .    خامسًا: نشر الطمأنينة بين الجالية من حولك، والمقيمين الآخرين الذين تعرفهم، هذه النصيحة كانت الخاتمة المسك التي يختم بها كل نقاش وحوار وجدال حول الحصار، بحيث إن المقيمين فيما بعد، بعد أن نزلت السكينة في قلوبهم والطمأنينة إلى أنفسهم رفضوا مغادرة قطر في العطلة الصيفية، وبعضهم ألغى حجوزات الطيران، بسبب العامل النفسي والاجتماعي الذي جعله متمسكًا أكثر في قطر، وأنه يرى الأمن والأمان على نفسه وماله وأهله حتى في ظل الحصار.    سادسًا: التجاوب مع الإجراءات الحكومية، ومتابعة مصادر الأخبار الرسمية، وكانت هذه النصيحة من باب المسؤولية المجتمعية في قطر، وبالفعل كان المقيمون بقطر وما يزالون مع القرار الحكومي القطري، ومصادر أخبارهم قطرية بامتياز، فلم تسجل حالة واحدة خلاف ذلك.    سابعًا: الحفاظ على العلاقات بين الشعوب واحترامها، والحوار  بأسلوب حضاري، هذه النصيحة تكتب بماء الذهب، نعم فالأزمة الخليجية خلاف عائلي كبير إن صح التعبير، والشعوب ليس لها علاقة بسياسات الحكام، فإلى اليوم قطر ترحب بكل الشعوب ومنها شعوب دول الحصار يدخلون قطر من دون تأشيرة دخول، لذا كان التوجيه بأن نرتقي بأسلوبنا ولا ننزل إلى أسلوبهم، فنحن نعامل الناس بأخلاقنا لا بأخلاقهم.    ثامنًا: التوصية بالوقوف بجانب قطر والقطريين فهم أهل خير وطيب، وكرمهم وعطاؤهم ممتد للعالم كله، وهذا ما حدث تمامًا، فلم يتخلَّ المقيمون في قطر عن أهلهم القطريين، وكان المحيا محياهم، بل شمل ذلك تعاطف العالم كله بالعلن والسر كما هو معلوم.    تاسعًا: المواقف تذكر وتقدر وتنشر وتسجّل لموقف الجاليات بقطر من الأزمة، فقد بادرت بعض الجاليات بإصدار بيانات تضامنية مع قطر، كانت خير دعم وإسناد معنوي للمجتمع القطري، أذكر من البيانات التي اطلعت عليها بيان الجالية السورية في الخامس من يونيو، وبيان الجالية التونسية واليمنية في السادس من يونيو، وبيان الجالية الموريتانية في السابع من يونيو، وهكذا.     عاشرًا: عدم التقصير بالعمل والإنتاج في المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والشركات، فقطر تستحق الأفضل، هذه النصيحة الرمضانية في وقتها كانت حافزًا للمقيمين ودافعًا بعد صدمتهم بالحصار، بأن لا يتوقف بناء وإعمار وإنتاج قطر، وبالفعل رأيت العديد من المقيمين من كان عندهم استعداد للعمل التطوعي وخدمة قطر بدوام إضافي "مجاني" في أي مجال، فكانت بادرة من بوادر حملة رد الجميل إلى أهله.