15 سبتمبر 2025

تسجيل

آخر القول الحركة الإسلامية .. مراجعات ضرورية

09 يونيو 2016

نقصد بالحركة الإسلامية ( كل الحراك الإسلامي من دعوة واتجاهات وأحزاب ورؤية تشكل بمجموعها تيار الدعوة للحياة الإسلامية في مجالات الدين والدنيا ) دون أن نفرق – في هذه اللحظة - بين الإسلاميين من متطرف أو متساهل ومن أصيل أو عميل ومن رسمي أو غير رسمي منهم .. فالحركة الإسلامية بهذا القدر من المشترك التأصيلي والأيديولوجي والمصلحي هو ما يعنينا أن ننظر في سياقه وفي توظيفه وأن نصوبه وننقيه حماية لجناب الإسلام ثم لمنجزات الحركة التي لا يجوز أن يجلب بعضها على بعض الفشل والفتنة أو ينقلب عليه .. وأقول : على الحركة - ابتداء - وعلى المستوى الوطني أن تتجه إلى العمل في المشترك مع المجتمع ومع المنافسين داخل البيت الإسلامي وخارجه .. الأكيد أن هذا الاتجاه ليس سهلا ميسورا من حيث القدرة عليه ، ومن حيث نتائجه غير المضمونة في ظل وجود جهات مهتمة بإفساد ذات البين ، ولكنه يبقى الممر الإجباري لسلامة الجميع ونجاحهم . والأكيد أنه عندما تقترب الحركة الإسلامية مع الطيف الفكري والوطني من مخالفين ومنافسين فستتقارب المبادئ وتحكم المجاملات ويتحول الاتجاه إلى التنازلات ؛ عند ذلك يصير على الإسلاميين أن يحذروا من التخليط وتمييع المفاهيم في الصورة الداخلية لعقيدتهم وأهداف حركتهم ، ويصير عليهم بدلا منه التوسع في هوامش الترحيل والتدرج والتقديم والتأخير . وبما أن " الإخوان المسلمون " هم الرأس في الحركة الإسلامية اليوم وهم الجماعة الرائدة العالمية الواسعة التي تتجاوز الحدود الإقليمية والسياسية وتجسد الإسلام الوسطي المتوازن المرشح أن يسود ويقود ؛ ولهم تجربة في النجاح والإخفاق وفي الوصول للحكم والنزول عنه فإن جملة من المعاني يجدر التنويه لها والتوقف عند مراجعاتها وعلى قاعدة أنهم مخلصون ومظلومون ( ففصل الدعوة فيها عن العمل السياسي المباشر يبدو أنه صار قضية جديرة بالدراسة لتكون الدعوة ماكينة التفريخ للسياسة فيما تصير السياسة مصد الصدمات عنها ، وبالنظر لانشغالهم بصناعة النخب على حساب الشعبية فلا بد من العودة للجهوية والعمومية ولكن مع عدم الارتكاز في الجهد الأصيل إلا على الأنوية الصلبة . وبالنظر إلى الاستراتيجية التي استخدمها الانقلاب ضدهم في مصر فإن ثمة ما يجدر أخذه بنظر الاعتبار من ذلك ( أن يتنبهوا إلى أن ما يبدو فرصة قد لا يكون إلا منزلقا خطرا وفخا مسمما ، وأن لا يتحرجوا من القبول بالديموقراطية كبديل عن الطاغوتية والاستبداد ، وأن لا يتحرجوا من الولاء للوطنية التي تأتي في مقابل اختزال الوطن في شخص أو في حزب مغشش ، ولا ضرورة للبدء أو الدوران حول معنى الخلافة العامة أو جعلها أولوية لأن الخلافة ليست مجرد كلمة تقال ولا هي الخطوة الأولى ) . وبما أن إحدى استراتيجيات أعداء الحركة الإسلامية تقرير صورة ذهنية عنها عبر الإلحاح الإعلامي بأن الإسلاميين حيثما حكمت جماعتهم أو تمكنت فإنها تقترن بجلب الحصار العام والتورط في الدماء وفي الاستبداد والفردية ؛ من هنا فإن على الحركة حيثما تمكنت أن تتجنب الصراعات قدر الإمكان ، وأن لا تعطي الانطباع بأن التغييرات ستكون كثيرة وشاملة ، وأن تغير فكرة أن الإسلاميين يفهمون صناعة الموت ولا يفهمون صناعة الحياة . وإذا كانت تتعاظم لدى الإسلاميين منظومة المحرمات والمكروهات ، ويروج لدى عمومهم أن التدين يتناسب عكسيا وتناقضيا مع اللذائذ وشواغل الدنيا ويتناسب طرديا توافقيا مع إظهار التقشف والزهد والابتعاد عن الرأي العام ، وهذا يجافي بينهم وبين عامة الناس وصيغ الحياة اللذائذية السائدة والفكر الاستهلاكي ؛ فلا بد من التصالح مع المجتمع من خلال تقليل عدد الثوابت وأطوالها وارتفاعاتها وزيادة مساحة الترفيه والودادة ولغة الانفتاح والتسامح كلما وجدوا مندوحة لذلك في تأويل نصوص التنزيل وفي فتاوى الشريعة واجتهادات المُحْدثين . وبالنظر لقيادات الحركة الإسلامية والمؤثرين فيها فإن الملحوظ أن معظمهم ينتمون لجيل مواليد أواسط القرن الماضي ومن برزوا وتألقوا في سبعينياته وثمانينياته وبعضهم لا يحسنون التعامل مع وسائل الاتصال والتواصل الحديثة ما يبعدهم عن مصادر ثقافة موسوعية فالجدير تجديد الدماء بعنصر الشباب في التنظيم والإدارة والقيادة والتخطيط والتنفيذ ، وعدم التمترس وراء نرجسية أستاذية بعض الأبوات أيا كان قدرهم وسابقتهم . آخر القول : الأكيد أنه لا يمكن في مقال واحد جمع كل الوصايا والعبر مما تتعرض له الحركة الإسلامية ، ولكن ما حدث حتى الآن إنما يؤشر على ضرورة إجراء مراجعات حرصت على المساهمة فيها برأي ..