16 سبتمبر 2025
تسجيلهذه الأزمات حدت بالرئيس الأمريكي " باراك أوباما " أن يخرج عن المألوف في جلساته الخاصة ويدلي بتصريحات يوم 14 / 1 / 2013 الماضي.. نقلتها الصحف الصهيونية، وقال فيها (إن رئيس الوزراء " نتنياهو "جبان، ولا يفهم ما هي مصالح " إسرائيل " السياسية، وتصرفات حكومته ستقود " إسرائيل " إلى عزلة دولية شديدة ستشكل تهديدا وجوديا عليها في المدى الطويل " أضافت " هآرتس " فإن الرئيس الأميركي يؤمن بأنه (إذا أصبحت "إسرائيل" منبوذة ستبتعد عنها حتى الولايات المتحدة، ولن تصمد ولن تستطيع البقاء.. "وأقول: في هذا السياق جاءت زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة التي اختتمها يوم السبت 23 / 3 / 2013 والتي غلب عليها صيغة التطمينات الأمنية للكيان وفي ذات السياق أيضا تبعتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي محاولا تفكيك هذه الأزمات وتبريد بعضها وتأخير بعضها الآخر وإن أمكن تشكيل جبهة مواجهة ضد إيران تقودها تركيا.. الوزير الأمريكي فشل في اختراق وتهديم الموقف التركي رغم أن العدو قدم كل التنازلات والاشتراطات التركية ؛ فاعتذر عن الاعتداء على سفينة مرمرة، وتعهد بالتعويض.. مع ذلك لم نسمع أن تركيا أعادت مياه التنسيقات الأمنية والعسكرية إلى مجاريها، أو أنها وافقت على قيادة جبهة المواجهة المذكورة، أو أنها عقدت اتفاقيات جديدة أو أحيت اتفاقات قديمة مع الكيان.. لكن – مع كل الأسف – وبقدر ما فشل كيري مع تركيا فقد نجح مع السلطة.. وقد كان نجاحا باهرا ونصرا ظاهرا، ففي خطوة غير مبررة على الإطلاق سحبت السلطة مشاريع قرارات إدانة ضد الاحتلال كانت تقدمت بها إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة " اليونسكو" على خلفية انتهاكات العدو وتدميره المناطق الإسلامية والأثرية والتاريخية في القدس.. ووجدناها – أي السلطة - تقدم للعدو وبموجب اتفاق تعهدا أن تمتنع عن تقديم أي شكاوى جديدة لليونسكو لمدة عام كامل.. وها هي تتراقص إعلاميا ودبلوماسيا مع أنغام إطلاق جديد لعملية التسوية.. العجيب والمؤسف والمضحك في آن معا هو أن السلطة وضعت كل هذا الخذلان للقدس وكل هذا التسيب تحت عنوان " العمل على حماية القدس". السلطة بالتأكيد لا تنقصها الخبرات الدبلوماسية، ولا مهنية العمل السياسي، ولا التصور الصحيح لقدرات الأطراف المختلفة وتموضعاتهم ولا ينقصها الدهاء والقدرة على المناورة.. وبما أنها لا مبرر لقبولها إطلاق المفاوضات من جديد ولا منطق لتنازلاتها فلماذا تقبل بأن تبدو أكثر حرصا على المفاوضات وعلى تسهيل إطلاقها من نتنياهو الذل لم يتنازل عن جوهر اشتراطاته بل راح يكررها ويذكر بها وهو المأزوم كما عرضنا أعلاه؟ فهل يريد السيد عباس أن يغير العناوين السياسية لصرف الرأي العام الفلسطيني عن التفكير في انتفاضة ثالثة على أثر حالة الركود السلبي فيمنطقة اللامقاومة، واللامصالحة، واللامعالجة لمشكلات فياض والميزانية والفساد؟ أم لأن التسوية بالنسبة للسلطة ومنظمة فتح صارت شرط البقاء والشرعية وهي الطعام والشراب والجاه والأمن والحياة كلها بالتالي فهي لا ترد يد لامس؟ آخر القول: السلطة كان يفترض فيها أن تستغل أزمات الكيان وعزلته الدولية وتخوفات أمريكا عليه لتصر على شروطها التي ظل عباس يؤكدها لأكثر من خمس سنوات ويسميها التزامات مبدئية.. وهذا ما تقتضيه المهنية السياسية فضلا عن الأخلاقية الوطنية.. ولكنها لم تفعل ؛ فهل يدل ذلك على أنها متوافقة مع الاحتلال أم أن أزمتها أعمق من أزمته؟