16 سبتمبر 2025

تسجيل

"الجنائية والتنسيق".. مصداقية السلطة

09 أبريل 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حدثان لهما دلالتهما، وغير مسبوقين، طغيا قبل أيام على المشهد الفلسطيني المليء بالأحداث غير السارة، الأوّل حصول فلسطين على العضوية الكاملة في المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب، والثاني يتعلق بقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، الأوّل قضي الأمر فيه، أما الثاني فلا يزال ينتظر التطبيق على الأرض. الحدث الأول، وقد أثار غضب إسرائيل، وتخشى تداعياته، ووصفته بأنه قرار "وقح وخبيث"، ومثّل تحوّلا نوعيا في إستراتيجية النضال الفلسطيني نحو الشرعية الدولية، لتحقيق حقوق الشعب الصابر والمناضل غير القابلة للتصرف، وتأمين حمايته، وإنجاز العدالة الإنسانية، فهو يمكّن السلطة الفلسطينية من ملاحقة وتقديم مرتكبي جرائم حرب من القياديين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية. سريان عـضـوية فلسطين فــي محكمة الجنايات الدولية "معاهدة رومــا التي لا تضم إسرائيل"، خطوة أولى فــي طريق رفــع الحصانة عــن الاحتلال الإسرائيلي وباتجاه وقــف جــرائــم الاحتلال عــلــى الــشــعــب الفلسطيني ومــقــدراتــه، هذا إذا تحركت "فلسطين الدولة" بسرعة باتجاه البدء برفع دعاوى قضائية أمام هذه المحكمة لملاحقة الاحتلال وتجريم قادته بتنفيذ عمليات إبــادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. فهل سنشاهد قادة الاحتلال أمثال بنيامين نتنياهو وأولمرت وليفني ويعلون وغيرهم، وضباطا كبارا، وقائمة طويلة من الأسماء، يقفون أمام محكمة الجنايات بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني؟. من غير المرجح مثول رئيس الــوزراء الإسرائيلي الحالي ومن سبقوه بهذا المنصب، وقادة إسرائيليين آخرين، أمام المحكمة في لاهاي في أي وقت قريب، لأنه من غير المعروف إلى أين سيؤدي هذا القرار، وكيف ستتعامل السلطة الفلسطينية معه، بل إن الخشية أن تكون هذه الخطوة فقط للضغط على إسرائيل من أجل كسب مواقف سياسية لا أكثر، بمعنى جرّ الاحتلال لمائدة المفاوضات تحت التهديد باستخدام هذا الحق، وهنا برأيي المأساة الكبرى. الحدث الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأوّل، والمتمثّل بقرار "المركزي الفلسطيني" وقف "التنسيق الأمني" مع الكيان الصهيوني، لكني أعتقد أن ذلك لن يحدث وسيتواصل، لأن السلطة الفلسطينية تعتبره مصلحة للشعب الفلسطيني!، ولأن وقف هذا التنسيق، وهو بالحقيقة تعاون أمني في مواجهة المقاومة، وإحدى أهم الوظائف والالتزامات التي يتعين على السلطة الوفاء بها بموجب اتفاقات أوسلو وما بعدها، فإن أحجمت عن أداء دورها، فإن الاحتلال سيأخذ خطوة أكثر إيلاما للفلسطينيين من مجرد وقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية، بل ستخطو خطوات إضافية، كوقف العمل ببطاقات "في آي بي" الممنوحة من الاحتلال لمسؤولي السلطة وللمستفيدين من الاحتلال، كما من المحتمل أن تدخل أمريكا على الخط فتؤخر أو تهدد بوقف إمداد السلطة بالمساعدات.سنبقى نعوّل بأن تكون السلطة الفلسطينية صادقة، وبأن تتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، وذلك بتقديم الملفات التي تدين مجرمي الحرب الصهاينة إلى المحكمة الدولية دون إبطاء، وعلى المقاومة أن تتواصل عملياتها بكل ما أوتيت من قوة.خلاصة القول: إن التطورات على الساحة الفلسطينية، قد تكون متجهة إلى مرحلة "عض الأصابع وليِّ الأذرع بين الجانبين"، والأرجح أن سيناريو كهذا، سيضع القضية الفلسطينية على عتبات مرحلة جديدة نوعياً، بعناوين أكثر جدية، لأن الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية التي تنظر بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان يعد مكسبا للفلسطينيين وسيؤثر بالتالي على إسرائيل التي كانت، إلى وقت قريب، محصّنة من المساءلة القانونية الدولية، الأمر الذي تفسّره حالة الغضب وردود الفعل المتشنّجة على الخطوة الفلسطينية، وحتى يحين الحين، يصعب التكهن بما سوف تكون عليه الشكاوى الفلسطينية، ومواقف محكمة الجنايات منها. .... وإلى الخميس المقبل.