17 سبتمبر 2025

تسجيل

اتفاق دارفور نجاح لقطر والعرب

09 أبريل 2013

لقد بذلت قطر جهوداً مضنية مع صبر طويل لحل مشكلة دارفور المستعصية والتي كانت تشكل معوقاً كبيراً لدور السودان العربي والإفريقي. ولأن المواطنين في دارفور وهم مسلمون ولهم دور كبير في نشر الإسلام، إلا أن هؤلاء الناس عانوا الكثير وتسببت هذه الحروب في وقوع  ضحايا و حدوث متاعب للكثيرين  وأضرت هذه الحرب اللعينة بالزراعة والاستثمار ، وتكمن المفارقة في أن دارفور غنية بثرواتها وأهلها يعانون من الفقر وانهيار الخدمات وغياب الامن والاطمئنان، والحرب لم تجلب لهم  إلا الأحقاد والدمار. ولذا رأت قطر أن تتبنى هذا الملف حرصاً على بلد عربي مسلم وليست هناك أي مصالح، لأن سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة محب للعرب ووحدتهم، وقد كلف بهذا الملف الرجل المناسب وهو سعادة أحمد بن عبدالله  آل محمود وهو من خيرة وأفضل الناس دينا وخلقا ورجاحة عقل مع صبر وحلم وتواضع، كل هذه الصفات ساعدت على الوصول إلى الحلول لأن مثل هذه الأمور تحتاج إلى نفس طويل وصبر وتعامل مع الناس، فالرجل جزاه الله خيراً ترك راحته وأخلص في هذا العمل لأجل طلب الأجر في تفريج هموم المسلمين، وقد وفقه الله في مراحل كثيرة لنيته الطيبة، لذا فإن سعادة آل محمود عندما رأى أن الطاقات تستنزف والأموال تهدر والنفوس تسفك، وكلها من دماء المسلمين، والخاسر هو السودان، فإن إيمانه ودينه لم تطاوع له نفسه أن يتفرج أو ينسحب رغم المفاوضات الشاقة وتعدد الأطراف وبعد المسافات في وجهات النظر وصعوبة شروط كل طرف وتدخل جهات أخرى لعرقلة المشروع، ولكن الرجل اعتمد على الله ولم يترك طرفاً إلا واتصل به وتحمل الكثير في ذلك. ورأينا أن الحروب رغم قسوتها لم تؤثر في الأطراف السياسية التي تحولت لكثير منهم تجارة، وأصبحت أطراف دولية تتلاعب بالقضية وتبذل جهوداً كبيرة لعرقلة المصالحة بسبب مواقفها مع السودان وخلافاتها مع دولته دون إعطاء أي اعتبار إنساني للفقراء والمشردين والأطفال وأضرا بالبنية التحتية وأن الحرب مكلفة ليس ماديا فقط، وإنما على الإنسان فهي تخلف دمارا في البنى التحتية ومعوقين ومرضى وغير ذلك. لذا كان واجبا لحساب أناس يعيشون في فنادق خمسة نجوم ويتحولون بين عاصمة وعاصمة ويتسلمون الأموال، وتحولت القضية لتجارة حروب وانتهاؤها يحرم جهات معينة من امتيازات ويضيع مصالح دول. ومنطقة دارفور يستحيل أن تستقل بذاتها لعدم وجود مقومات الدولة، كما أنها مشكلة عالقة ليست في السودان وإنما أيضاً في تشاد التي تخاف من وصول نزاعات عرقية وقبلية، كل هذا اقتضى العمل الجاد، فكانت الخطوة الناجحة لسعادة آل محمود إصلاح العلاقات السودانية التشادية وهي محور مهم في هذا الجانب ونجحت هذه المساعي بفضل الله ودعم سمو الأمير حفظه الله لها. ولذا وجدنا أن الخطوة الثانية هي الفئات وأكبرها العدل والمساواة، وبفضل الله تم التوصل إلى حلول تعثرت فترات وكانت هناك أطراف لا تريد صالح المسلمين في السودان لأن لها أجندة أخرى، ولكن جاءت الظروف بعد الربيع لصالح المصالحة والتوافق. لذا وجب العمل لإنجاح هذه  المهمة التي يجب أن تسير في خطين سياسي وتنموي، ولذا فإن إنشاء قرى نموذجية تقوم على إنشاء مساكن يتم تمليكها بالتقسيط ويعود ذلك على ربع الصيانة والتطوير وتشمل هذه القرى مستشفيات ومدارس تساهم فيها الدول ومنظمات المجتمع المدني وقيام قرية باسم سمو الأمير الذي تبنى هذا المشروع تكون نموذجاً لدول مجلس التعاون الأخرى سيكون له أثر كبير في الاستقرار مع بداية العمل للاستثمارات والتطوير للقطاع الخاص ودخول صناديق التنمية ودور البنك الإسلامي والصناديق التنموية في برنامج التنمية الذاتية سيساعد على الاستقرار والضغط على الأطراف الأخرى بالدخول في برنامج المصالحة التي لا محالة ولا مخرج إلا بها وأن يتقي الله كل من يتاجر بهذه القضية، وأعتقد أن لجنة مصالحة إسلامية من أعيان ووجهاء من الدول الإسلامية برعاية منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي سيكون لها أثر كبير في دفع المصالحة إلى الأمام. وهناك بالأخص تغير في السياسة الأمريكية تجاه دارفور باتجاه المصالحة ودعمها، وهو أيضاً موقف الاتحاد الأوروبي ظاهراً، لذا نجد أن هناك تغيرا دوليا في المواقف تجاه دارفور وأن الذين لا يدخلون في المصالحة سيجدون أنفسهم في خسارة كبيرة لأن قواعد اللعبة تغيرت بعد ذهاب النظام الليبي السابق وتحسن العلاقات بين السودان وجيرانه وظروف المنطقة وتقارب وجهات النظر بشأن المصالحة.  واخيرا  أتمنى أن يقدم الجميع الشكر لدولة قطر ممثلة في أميرها ولمعالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وكذلك سعادة أحمد بن عبد الله آل محمود الذي يجب أن يمنحه السودان بكل أطيافه والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة وسام التقدير لنجاحه. سائلاً الله أن يستفيد أهل اليمن وغيرهم من هذه التجربة.