15 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا لم يتحول مرسي إلى مانديلا؟

09 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بقدر ما إن مانديلا "بطل حرية" بالنسبة للسود، فإن مرسي أيضًا هو بطل حرية للمسلمين.جزيرة "روبن"، تقع قبالة سواحل "كيب تاون" (جنوب أفريقيا)، أقيم في الجزيرة سجن، استخدم لأكثر من مائتي عام لحبس الناس. شهد السجن قصصًا مروعة. مساحة زنزاناته كانت أقل من مترين، فضلًا عن احتوائه على غرف للحبس المنفرد، وساحات للأعمال الشاقة..عاش في هذا السجن آلاف البشر، الذين منهم من لم يتحمل قسوة المعيشة ففقد عقله، ومنهم من انتحر أو توفي جراء المرض. قبع مانديلا في هذا السجن المظلم مدة 27 عامًا، لذا فإن شعبه يشعر بالفخر، كلما مر من أمام باب الزنزانة التي قبع فيها، أو مشى في فناء الساحة التي كان يعمل بها أعمالًا شاقة، لأن مانديلا كافح وناضل من أجل حرية شعبه وكرامته. أن يتحول مرسي لبطل للحريةبعد اعتقال مرسي، اعتقدت دائمًا بضرورة أن يتحول لأحد أبطال الحرية مثل مانديلا، تبادلنا وجهات النظر مع مسؤولين في حركة الإخوان، فيما يخص كيفية مساعدة مرسي، وكنت دائمًا أشدد على ضرورة تحويله إلى بطلٍ للحرية في المنطقة، سيما أنه طالما دعا للسلم، وكان أول رئيس مصري منتخب في تاريخ بلاده.وهكذا أطلقت مجموعة من الصحفيين في تركيا، حملة باسم (FreeMursi#)، وحظيت الحملة بانتشار واسع في جميع أنحاء العالم. لكن لا الإخوان ولا نحن كنا نمتلك وسائل إعلام تمتلك تأثيرًا على مستوى العالم.وقتها، أثارت حملة مانديلا فضولي، في الواقع، كان السؤال التالي يحيرني دومًا، لماذا صمت العالم بأسره 27 عامًا على سجن مانديلا، ثم أطلق حملة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، تنادي بالحرية له؟ بحثت عن الإجابة في جنوب أفريقيا، ووجدت ما كنت أتوقعه. الذهب والألماس وراء كل شيءحوّل نظام "أبارتايد" (نظام الفصل العنصري) هولندي الأصل، جنوب أفريقيا، إلى جحيم، وسجن مانديلا سنوات طويلة، لكم الأصوات المطالبة بالحرية، وهنا أرى ضرورة الإشارة إلى أن هولندا وبريطانيا خاضتا حروبًا وصراعات استمرت نحو قرنين من الزمن، لاستعمار جنوب أفريقيا. أود هنا لفت أنظاركم إلى نقطة مهمة، الحروب الاستعمارية الفعلية للسيطرة على هذا البلد، بدأت ما بين أعوام 1860-1880، أي بعد اكتشاف مناجم الذهب والألماس، ولقد تمكن الإنجليز في كثير من الأحيان، من السيطرة على تلك المناجم، إلا أن الهولنديين، تمكنوا عام 1948 من الوصول إلى السلطة، وتحييد الإنجليز وتقليص سلطاتهم في جنوب أفريقيا.حكم نظام الفصل العنصري لسنوات طويلة في جنوب أفريقيا بقبضة من حديد، فيما ناضل مانديلا ورفاقه (كان بينهم عدد كبير من المسلمين)، من أجل حرية بلدهم، إلا أنهم لم يوفقوا، وامتلأت زنازين سجن جزيرة روبن، بأولئك المناضلين، دون أن ينبس العالم ببنت شفة. لماذا رفض مانديلا جائزة أتاتورك؟بدأ مانديلا بجذب انتباه وسائل الإعلام العالمية منذ منتصف عام 1980، حيث تم إطلاق حملات باسمه في جميع أنحاء العالم، وقدّمت له جوائز غيابية، كما أرسل بدوره - وهو في السجن - وفودًا إلى كل مكان، لشرح قضيته العادلة. وصل أحد وفود مانديلا إلى تركيا، إلا أن حكومة "سليمان دميريل" قابلت الوفد بالرفض وطلبت منه العودة إلى حيث أتى، كان هناك بلدان اثنان في العالم لم يدعما حركة مانديلا هما: تركيا وإسرائيل. لذا فكان السبب الأول الذي دفع مانديلا لعدم قبول جائزة أتاتورك، هو دعم تركيا لنظام الفصل العنصري ورفضها مقابلة وفده، والسبب الثاني هو الدعاية التي كانت تقوم بها الجالية المرتبطة بمنظمة "بي كا كا" الإرهابية في الشتات. وأخيرًا بدأ الغليان الاجتماعي يتقد في جنوب أفريقيا..فقد كثير من المواطنين حياتهم في ظل الأحداث التي شهدتها البلاد، مما دفع برئيس الدولة "دي كليرك" لإطلاق سراح مانديلا (1990)، بسبب الضغط الذي مورس عليه والعقوبات التي بدأت تطبق على بلاده من معظم دول العالم، وبعدها جرت انتخابات عام 1994، التي فاز بها مانديلا وأصبح بموجبها رئيسًا للدولة وغيّر مصير البلاد. لماذا دعمت بريطانيا قضية مانديلا بكل هذا الزخم؟تبنت بريطانيا قضية مانديلا، وقدمت الدعم الفعلي لها..أثار ذلك في نفسي العديد من التساؤلات، لماذا لعبت بريطانيا دورًا نشطًا داعمًا لنضال مانديلا في الآونة الأخيرة؟ خاصة أنها لم تقف إلى جانب الشعوب المضطهدة في بلدان أخرى وقتها. وجدت الإجابة على تساؤلاتي في الآتي:تمكنت بريطانيا من استخدام وسائل الإعلام والدبلوماسية وقوة رأس المال التي تمتلكها، وحولت مانديلا إلى بطل للتحرر حول العالم خلال 5-6 أعوام، علمًا أن نضال مانديلا من أجل حريته وحرية بلاده استمر نحو 30 عامًا، لم تحرك فيها بريطانيا ساكنًا.في هذه الفترة، كانت بريطانيا قد فقدت حق تشغيل مناجم الذهب والألماس في جنوب أفريقيا، وبعد انتخاب مانديلا رئيسًا للبلاد عام 1995 تم منح بريطانيا حق تشغيل تلك المناجم، وقد قوبل ذلك الإجراء بانتقاد الكثيرين، متهمين مانديلا بعقد اتفاق مع الإنجليز، عندما كان سجينًا، يمنحهم بموجبه تشغيل المناجم، مقابل دعمهم لنضاله العادل في الحرية. وقد اختصر لي "حليم كنج أوغلو"، عضو الهيئة التدريسية في جامعة "كيب تاون"، تفاصيل هذه العلاقة قائلًا: "لقد كان نضال وبطولة مانديلا من أجل الحرية صادقًا، لكن الدعم البريطاني كان يستند إلى المصالح، نعم قد يواجه مانديلا انتقادات بسبب هذا التعاون، ولكن لم يكن لديه خيار آخر لتحقيق الحرية لبلده وشعبه، لكن الحرية كان لها ثمن، وهو استيلاء البريطانيين على ذهب البلاد وألماسه". لماذا لا ينجب العالم الإسلامي بطل حرية؟لم يعترف العالم الغربي بأي من قادة العالم الإسلامي - حتى يومنا هذا - كبطل للاستقلال أو زعيم للحرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، علي عزت بيجوفيتش، أو ياسر عرفات، أو مالكوم إكس، أو الغنوشي، أو مرسي... وللأسف فالأسوأ من هذا، أن الدول الإسلامية لم تحرك ساكنًا من أجل تحويل تلك الشخصيات إلى أبطال للحرية والاستقلال حول العالم، حتى أن بعض تلك الدول عملت على إعاقة تحقيق ذلك. لم يكن لدى مرسي أو الإخوان ذهب أو ألماس يمنحونه للبريطانيين أو الأوروبيين، ولا يمتلك العالم الإسلامي شركة "هوليود"، لإنتاج أفلام وبرامج وثائقية تتحدث عن نضال مرسي، كما لا نمتلك وسيلة إعلامية عالمية، تحظى بمتابعة سكان الكوكب، لذا نقف عاجزين عن إيصال رسالة بطل الحرية الحقيقي، وتاريخه النضالي الحافل. ولهذا لا يمتلك مرسي القدرة على التحول إلى مانديلا.