20 سبتمبر 2025

تسجيل

حماس بين المقاومة والإرهاب

09 مارس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عند الحديث عن حركة حماس الفلسطينية فالسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو (لماذا لا تستطيع إسرائيل الاعتراض على الدعم والاحتضان القطري لحركة حماس أو تقديم الشكاوى بحقها لمجلس الأمن الدولي) رغم حالة العداء مع الكيان الصهيوني أو على الأقل عدم وجود اعتراف رسمي بين الجانبين؟؟ الأردن مثلا في عهد الراحل الكبير الملك حسين بن طلال كان يحتضن هذه الحركة - رغم توقيع معاهدة السلام (وادي عربة) - لا بل دافع عن حركة حماس بشراسة عندما جرت محاولة اغتيال مشعل والجميع يعرف كيف تصرف الأردن ودافع أيضا عن كرامته وسيادته الوطنية وأجبر الحكومة الإسرائيلية على توفير العلاج للسيد خالد مشعل والإفراج عن الشهيد مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى ووقفت إسرائيل عاجزة أيضا أمام الموقف الأردني فلماذا؟؟للإجابة على السؤال أعلاه نقول إن طبيعة المعالجة هنا ليست سياسية بقدر ما هي قانونية تأصيلية وهي لا تدخل في باب الصراع الفلسطيني الداخلي وليست ترويجا لحركة بعينها لأن ما ينطبق على حماس ينطبق بالضرورة على باقي الفصائل الفلسطينية المقاومة أو حتى حزب الله اللبناني الذي كنا نعتبره حتى عهد قريب حركة مقاومة عربية لحين انحراف بوصلة البندقية لديه نحو الشعب السوري لا الاحتلال الإسرائيلي ففقد بذلك جوهره المقاوم وأصبح ورقة إيرانية توظف وفقا لمصالح المشروع الصفوي لا العربي في دحر الاحتلال.قبل تقديم إجابات على السؤال ننوه هنا لمسألة بالغة الأهمية فقياسا مع الفارق حول انحراف حزب الله اللبناني من حالة مقاومة عروبية لفصيل إيراني نقول بأن الحكمة العربية تستدعي احتضان المقاومة الفلسطينية وعدم تركتها لقمة سائغة تتقاذفها المشاريع الدولية ومصالحها في المنطقة ونؤكد على فكرة أساسية ذكرناها في مقال سابق بأن دفع حماس للحضن الإيراني بإضعاف أو محاصرة الدعم القطري لها جريمة بحق العروبة سيذكرها التاريخ، لذا كان من الواجب على شرفاء الأمة احتواء القرارات القضائية المصرية المشوبة بعيوب مخالفة القانون المصري والقانون الدولي لدخول التأثير السياسي والأمني عليه الأمر الذي أفقد القضاء استقلاليته ودفع باتجاه اعتبار حماس تنظيما إرهابيا لاسيَّما أن هذه الحركة المقاومة لم تمثل بأي شكل أمام القضاء المصري لبسط دفاعها عن التهم المسندة إليها تحت بند (أمور مستعجلة) مما يشكل إجحافا وإهدارا لحق الدفاع الطبيعي ويجعل الحكم بالنتيجة متهاترا لا لون ولا طعم ولا رائحة له لافتقاره للحجية وخلوه من القانون ومما يعجب له المرء أن من كان يتم دعوته للحضور إلى القاهرة قبل أشهر بات بقدرة قادر إرهابيا!!باعتقادي أن أهم وثيقة عربية تصدت لهذا الموضوع كانت "وثيقة مفهوم الإرهاب والمقاومة " بمبادرة من مركز دراسات الشرق الأوسط والصادرة في شهر مايو عام 2003 كرؤية عربية إسلامية لمجموعة منتخبة من المفكرين العرب من خمس عشرة دولة عربية تجاوز عددهم المائة والخمسين شخصية من الشخصيات الوازنة والمختصين والخبراء وقد جرى تنقيحها وإعدادها مرورا بخمس مسودات وبعد ذلك توقيعها من رؤساء وزارات سابقين وحقوقيين ومفكرين وسياسيين وأكاديميين وكتاب وأساتذة جامعات وصحفيين ومحاضرين ومسؤولي مراكز الدراسات، أما جنسيات الموقعين فلقد شملت دول الأردن وسوريا ولبنان والعراق واليمن والسودان والبحرين والسعودية والكويت والإمارات والجزائر والمغرب وتونس بالإضافة طبعا إلى قطر وفلسطين ومصر التي وقع منها لوحدها أربع وعشرون شخصية مثل الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء المصري الأسبق والدكتور سعدالدين إبراهيم واللواء طلعت مسلم والأستاذ فهمي هويدي والدكتور محمد فائق والدكتور محمد سليم العوا والأستاذ صلاح عبدالمقصود وآخرون..ورغم أن الوثيقة صادرة في العام 2003 إلا أنها تحدثت عن واقعنا العربي اليوم ولفتت إلى حالة الانتقائية في التطبيق لقواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسيا في الصراع والكيل بمكيالين عندما يتعلق الموضوع بالقضايا العربية وعزت ما تقدم كسبب رئيسي في زيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم وتحدثت عن عدم وجود مفهوم موحد جامع مانع الإرهاب خصوصا أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بعمليات التفاف حول هذا المفهوم لأغراض سياسية ولحرمان الشعب الفلسطيني تحديدا من حقه في المقاومة المشروعة للاحتلال الإسرائيلي المخالف لكل الشرائع والمواثيق الدولية.تقول الوثيقة: " ومع الإقرار العالمي بحق تقرير المصير، في مداولات الأمم المتحدة، وفي الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966، وبتحوله من مجرد مبدأ إلى حق قانوني، فقد أصبح من المحتم القول بأنه يقع على كل دولة واجب الامتناع عن الإتيان بأي عمل قسري يحرم الشعوب غير المستقلة من حقها في تقرير مصيرها سواء أكانت خاضعة للاحتلال أم للاستعمار".وهنا نقول إن القرار القضائي المصري باعتبار حركة حماس إرهابية هو من قبيل الأعمال القسرية التي تحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير باعتباره شعبا تحت الاحتلال.وتستطرد الوثيقة في حديثها عن الفهم المعياري والموضوعي للأمم المتحدة وما خلصت إليه مداولاتها من اعتبار الاحتلال والاستعمار والهيمنة والنفوذ بعد الاستعمار كأحد أسباب العنف فجرى بذلك تمييزه عن الإرهاب ككفاح مسلح مشروع ومن أنشطة حركات التحرر الوطني فتضيف:" وفي إطار هذا المفهوم عقدت الجمعية العامة ثلاث عشرة اتفاقية دولية واستندت في موقفها هذا إلى العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عنها، ولعل أولها توصيتها رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المستعمرة استقلالها، والتي اشتهرت فيما بعد بقرار "تصفية الاستعمار" وكذلك توصيتها رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضافة المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين أيضاً بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم وحماية المدنيين".هنا نذكر الإخوة في مصر بأن "أم الدنيا" كدولة راسخة في المنطقة قد وقعت على جميع الاتفاقيات وأسهمت في إعداد التوصيات المذكورة ولا يجوز بحال أن تسمو التشريعات الداخلية على الاتفاقيات الدولية والقرارات ذات الصلة باعتبارها جزءا من المنظومة القانونية للدول المصادقة عليها مما يجعل القرار القضائي باعتبار حماس حركة إرهابية مخالفا للقانون والتشريع الوطني المصري نفسه وكذلك مخالفا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية.وتأكيدا على ما تقدم فنشير هنا إلى ما أوردته هذه الوثيقة المهمة بقولها:".... وفي هذا السياق اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارا بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام 1976.. وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك الكفاح المسلح". وتعليقا على ذلك نقول إننا يحدونا الأمل برجوع الدولة المصرية إلى مكانها ووضعها الطبيعي المفترض في دعم حركات التحرر الوطني في العالم وعلى رأسها حماس بغض النظر عن أي صراع داخلي مصري وعدم تصدير أزماتها الداخلية للخارج وضرورة العودة لممارسة دورها التاريخي في الدفاع عن الحقوق العربية المسلوبة وألا تمارس الوصاية على القضاء ليعود عن اجتهاده وقراره الغريب إلى الحق الذي هو أولى بالاتباع لاسيَّما أن اعتبار حركة حماس تنظيما إرهابيا يعطل ويوقف الجهد المصري في إنجاز المصالحة الفلسطينية البينية والتي يستفيد الاحتلال فقط من حالة الانقسام الحاصلة أو من هكذا قرارات قد تعمم لتطال جميع فصائل المقاومة الفلسطينية أو حتى حركات التحرر للشعوب ونضالها في سبيل الحرية وهنا وبكل وضوح فإنني أدعو القيادة القطرية الحكيمة الراشدة لأحداث التوازن كبديل نزيه وموضوعي لحالة التخلي السياسي المصري عن القضية الفلسطينية بتوفير الغطاء الأبوي للأطراف الفلسطينية لاستكمال مشروع المصالحة بجهد قطري عرف عنه تاريخيا دعوته للوفاق ونزع فتيل الأزمات في حتى يعود القرار السياسي المصري إلى رشده ولقد بات من الواضح أن السياسة المصرية قد فقدت توازنها.عودا إلى البدء وحول التساؤل عن عدم قدرة الاحتلال الإسرائيلي الاعتراض على دولة قطر مثلا في دعمها للشعب الفلسطيني فإن الإجابة قدمته هذه الوثيقة المهمة بقولها:" كما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقديم دول العالم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، وأن تساعد جهود الأمم المتحدة في هذا المضمار، حيث يمكن لهذه الشعوب أن تتمتع بدعم خارجي في الكفاح المسلح الذي تخوضه ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو الاحتلال الأجنبي، دون أن تحتج الأخيرة بأن هذا الدعم يعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث".ومن هنا كان الدعم القطري للشعب الفلسطيني مشروعا مائة بالمائة لا بل واجب على كل دولة عربية وإسلامية في سبيل تحرير فلسطين أو أي جزء منها بكافة الوسائل المتاحة.في المقال القادم سنتحدث عن مفهوم الإرهاب ومشروعية التصدي له سواء أكان إرهاب دولة أم جماعات أم أفراد بالاستناد لهذه الوثيقة المهمة ويبقى أن نقول إن من يقوم بتصنيف حركة مقاومة مثل حماس وكتائبها أو من يدعمها تحت خانة الإرهاب يمكن أن يضع أي شيء تحت بند الإرهاب ولو كانت الأزهار التي تنبت في الربيع.