15 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة الفشل

09 فبراير 2019

كيف كان شعورك حينما فشلت في تحقيقِ بعض أهدافك، أو اتخذت قرارًا كارثيًا نتج عنه خسائر مادية أو معنوية أو كلاهما، وكيف كانت ردة فعلك حينما أخفقت في علاقاتك الاجتماعية أو السّيطرة على اتزانها كي تبقى مدة أطول، وكم عدد الرّسائل السّلبية التي وُجّهت إليك حينما لمحوا عثراتك وإخفاقاتك المستمرة! وأخيرًا، و بعد الفشل، هل قررت التّوقف أم الاستمرار؟! الكثير منّا لديه تصورات ثابتة وراسخة عن الفشل، وعلى أساسها نُقرر التّوقف أم المقاومة، وفي هذا الصّدد كتب شارلز مانز في كتابه « قوة الفشل: «إنّ تغيير منظورنا للحياة هو غالبًا مفتاح الوصول إلى النّجاح من خلال ما يبدو وكأنه فشل» وهذا يؤكدُ فكرة تغيير مفهومنا للفشل ! نعم حينما تتغير صورتك للفشل يصبح الفشل أكثر أهمية وتصل لمرحلة القبول التي توصلك إلى النّجاح النّهائي أو نجاحٍ أعظم. اخلع فلاترك القديمة عن الفشل الآن، واعتنق مفهومًا جديدًا له، ذلك المفهوم الذي يصل بك إلى أن الفشل ما هو إلا فرصة ثمينة لتعلّم شيئًا جديدًا، يجعلك أذكى بكثير في المرات القادمة، الفشل وحده من يُكسبك معارفًا تسندك في تجاربك الجديدة، وهو فقط من يمنحك القوة لخوض مغامرات ومواقف جديدة، لذلك ودّع الخوف من مواجهته، واترك حواسك تجربه دون تردد ! وهذا ما يؤيده إلبرت هاببارد: « إنّ أعظم خطأ يمكن أن تقترفه في الحياة، تخوفك باستمرار من الوقوع في الخطأ «. في الحقيقة لابد من التّسليم أنّ التّجاربَ لا تتم على أكمل وجه من المرة الأولى، بل تتعرض للعديد من الإخفاقات والعثرات والصّعوبات التي تكون بمثابة توجيهات وإرشادات توضيحية ترسمُ خريطة النّجاح بدقةٍ، وأنّ اليوم الذي تقررُ فيه التّوقف عن الفشل هو اليوم الذي تحكم فيه على ذاتك بالتّخشب والجمود وتوديع التّجارب والأشياء الجديدة. لذا حان الوقت حينما تشعرُ بالإحباط والضّياع نتيجة فشل مستمر، أن تفكرَ جيدًا في كيفية الاستفادة من العثرات والاخفاقات التي تصادفك باستمرار واستثمارها لصالحك، وهذا لا يتم إلا بخطوتين أساسيتين: أولهما التّخلص من المفهوم القديم المتعلق بالفشل و التّمسك بالمفهوم الحديث الذي يؤمن بأن الفشل جزء ضروري من حياتنا، والخطوة الثّانية تدعو إلى مقاومة الفشل، يقول مارتن سيلجمان: « أعتقد أنّه على قدر مهارتك فإنّ إنجازك الفعلي لا ينبع من موهبتك فقط ولكن أيضًا من القدرة على مقاومة الهزيمة»، فبمقاومتك تُرسل رسائل إيجابية لدماغك الذي سيعمل وفقًا لها، وهذا يدل على أن تصوراتنا هي التي تصنع الواقع. لذلك لا تتوقف عن الفشل، وأرجو منك أيّها القارئ عدم التّفكير بأنّي أؤيد الفشل! بل أركز على مفهوم ثقافة الفشل القائم على الاستفادة منه ومقاومته بكل وعي حتى تستطيع تحقيق النّجاح طويل المدى وتعمل على تطوير وصقل الذّات وتدريبها على قيمة الصّبر والمقاومة.