01 نوفمبر 2025

تسجيل

زيارة أوباما للسعودية .. عفا الله عما سلف

09 فبراير 2014

يبدو أن العلاقات السعودية الأمريكية ماضية نحو محاولة جادة لصناعة ربيع جديد في مارس المقبل حيث يزور الرئيس باراك أوباما الرياض وفي حقيبته الكثير من الملفات الساخنة التي تستلزم صياغة توافقية تعيد العلاقات التاريخية بين البلدين إلى مسارها الصحيح الذي يحقق الرضا ويزيل التضاد في بعض المواقف وجوانب العلاقات الواسعة في الكثير من الجوانب السياسية والاقتصادية؛ كما أن العلاقات بين البلدين لم تصل إلى مثل هذا المحك الحرج سوى في هذه المرحلة التي نأت فيها السياسة الأمريكية عن التنسيق مع الجانب السعودي والأخذ في الاعتبار للمصالح المشتركة وذات العلاقة بالشؤون الإقليمية رغم أن الشكل العام للعلاقات السعودية بالبيت الأبيض كان يحافظ على توازنات وتقديرات محرجة غالباً للسياسة السعودية أمام العامة محلياً وإقليميا خاصة فيما يخص الشأن الفلسطيني وعموم قضايا المنطقة؛ ويبدو أن الطرف الأمريكي وفقاً لأيدلوجياته ومصالحه كان يشط بعيداً عن محددات العلاقة ويمارس الابتزاز السياسي في بعض القضايا وصولاً إلى حد الإقصاء السياسي في تقديرات غير متوازنة لمكونات المنطقة ومراكز التأثير في مجرياتها؛ عموماً الرئيس أوباما وجملة نسور السياسة الأمريكية يدركون حجم الدور السعودي في صناعة مستقبل المنطقة لا من منظور اقتصادي فقط بل لعوامل تاريخية ومؤثرات فكرية عميقة يصعب على المخطط الاستراتيجي الأمريكي تجاوزها دون أن يضع الحسبان الكبير لها في صياغة معادلة التعاطي مع المنطقة؛ ولعل في منتجات مشاريع السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة مثل الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة والربيع العربي وجملة ما أعقب الحادي عشر من سبتمبر من مخرجات واقعية وفرتها الذهنية الأمريكية لصناعة مستقبلها وعلاقاتها في المنطقة تجد صعوبة في جني ثمارها وفق الرؤية النهائية للمخطط الأمريكي؛ ذلك أن استثناء السعودية من بعض جوانب المعادلة كسياسة أو كأمة كاملة يعيق المنتج النهائي المؤمل لدى الطرف الأمريكي ويبدو ذلك جلياً حسبما يتحقق في المشهد المصري وكذلك في البحرين باعتبار البلدين من أهم المواقع المؤثرة في مزاج السياسة السعودية حيث كان للسعودية مواقف ربما لم تحسب لها الإدارة الأمريكية حساب؛ وتتجدد الجولة الآن في سوريا وفي المواقف الأمريكية وعلاقاتها المبطنة مع النظام الإيراني. كما أن السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي حتى نهاية الجولة لتكون في نهاية المطاف هي وشعبها الهدف الأخير لجملة المخططات والمشاريع المستحدثة للمنطقة؛ ورغم ذلك تظل السعودية تحافظ على جملة توازنات تراعي فيها المصالح الكبرى للأمة ولكل علاقاتها وتلتزم بحسن التعاطي مع الولايات المتحدة وتحد حتى من حماسة الجماهير غير المستسيغة للتعاطي الأمريكي مع قضايا المنطقة مثلما صدر عن العاهل السعودي مؤخراً من قرارات تُجرم التدخل في شؤون الغير وهو ما يندرج ضمن جهود الدولة للنأي بشعبها عن مواطن الفتن والصراعات وهو ما يحلو للبعض نعته بتفريخ الإرهاب وإلحاق هذا النعت بالسعودية حكومة وفكراً عاماً؛ كما أن السعودية من خلال جملة تحركاتها على الصعيد الأوروبي والتفاوض مع الروس كانت تبعث برسائل غير عصية على الفهم الأمريكي في إمكانية التحالفات البديلة وبناء ركائز السياسية لا تستند على الحجم الاقتصادي الكبير كما أسلفت بل على رهانات أكبر ترتبط بفكر الأمة وحجم تأثيره؛ والمتابع للمواقف الحالية يدرك أن الخطوة الأمريكية المتمثلة في زيارة أوباما المرتقبة للسعودية وتصريحات وزير خارجية البيت الأبيض السيد كيري الناعمة مؤخراً تجاه قضايا المنطقة بما فيها الموقف الأمريكي تجاه سوريا والنووي الإيراني يلمس مدى العودة إلى الملف السعودي لصناعة تشاور وانسجام جديد ربما يحمل في طياته منهجية "عفا الله عما سلف ونحن عيال اليوم" أملاً في فتح صفحة جديدة تراعي فيها الولايات المتحدة تأثير حليفها القديم الذي ما إن تحاول الصد عنه أو تجاوزه نحو غيره تجده حاضراً يفرض ورقته بهدوء.