18 سبتمبر 2025
تسجيلبينما يتفاخر قادة الاحتلال بأنهم اكتشفوا نفقا هنا أو هناك في غزة فهناك الكثير من الأنفاق التي انتهت بتفجير فوهاتها بالجنود الإسرائيليين الذين حاولوا دخولها، لا يختلف هذا المشهد كثيرا عن مشهد الخلاف المحتدم في أروقة صنع القرار لدى الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتعمق الخلاف ويصل لمراحل عملية حتى في وقت تقف دولة الاحتلال فيها على قدم واحدة أمام مشهد حربي جعل مصيرها على المحك. لقد جادل كثيرون مع بدء عملية طوفان الأقصى بأن العملية ساهمت في تقوية التضامن بين أطراف الاحتلال سواء السياسيين مع العسكريين أو الليبراليين والمتدينين أو الحكومة والمعارضة ولكن في الحقيقة الذي تبين هو العكس، إذ إن الخلافات تعمقت والشروخ تزايدت بين قادة الاحتلال وصلت إلى مناكفات علنية وعدم حضور مؤتمرات صحفية مشتركة على المستوى الأعلى وصولا إلى تغيب 3 وزراء عن جلسة الحكومة يوم السبت في نهاية الأسبوع الأول من العام 2024. أحد الخلافات كان بين نتنياهو ووزير دفاعه غالانت على خلفية منع نتنياهو لرئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الشاباك رونين بار من حضور جلسة لحكومة الحرب حيث اعتبر غالانت أن منعهما من حضور مثل هذه اللقاءات يضر بأمن إسرائيل وأنهما يعملان من أجل تحقيق النصر في الحرب. ومثال آخر على هذه الخلافات هو صراخ ومشادات حادة من وزراء بالمجلس المصغر ضد رئيس الأركان هرتسي هاليفي بسبب تعيينه لشاؤول موفاز رئيسا للجنة تحقيق خاصة بالجيش متعلقة بأحداث 7 أكتوبر وما بعدها حيث اعترض الوزراء على تعيين موفاز لأنه أشرف على خطة الانسحاب من غزة في 2005. وقد وصل الأمر بنتنياهو إلى فض الاجتماع. ومؤخرا أعلن 3 وزراء من حزب المعسكر بزعامة بني غانتس أنهم لن يشاركوا في جلسة الحكومة السبت 7 يناير احتجاجا على التهجم على رئيس الأركان هرتسي هليفي الخميس الماضي خلال جلسة المجلس المصغر في خطوة تصعيدية من غانتس ضد نتنياهو. وحاليا هناك ضغوط ونداءات تطالب غانتس بالانسحاب من حكومة الحرب حيث يعتبر غانتس معارضا للحكومة ويعتبرون استمراره يشكل غطاء لنتنياهو ولكن في نفس الوقت هناك من يطالبه بالهدوء والتريث في هذه المرحلة مع التعبير فقط عن احتجاجه على نتنياهو، حتى لا يترك لأقطاب اليمين التفرد في المشهد والقرار. والذي يطرح أحدهم وهو وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فكرة تهجير سكان غزة، فيما طرح زميله سموتريتش من قبل فكرة تهجير سكان الضفة للأردن، وقد قال بن غفير إنه يجب العمل على تهجير طوعي للفلسطينيين من غزة بالنظر للوضع الذي أصبحت فيه غزة، وهو ما يؤكد أن التدمير للبنية التحتية والمشافي كان هدفه التحضير للتهجير. وفي ذات السياق وجه 169 قائدا عسكريا سابقا رسائل دعم لرئيس الأركان في ظل الخلاف بين الجيش والحكومة وقد ذكرت بعض المواقع الاسرائيلية أن التخطيط للهجوم على هاليفي تم بالتنسيق مع نتنياهو، ويعتقد قادة الجيش الاسرائيلي أنهم في الوقت الذي يحاربون فيه في غزة والضفة ولبنان فإن مجلس الوزراء يحاربهم في الداخل. على محور آخر عدا نتنياهو ووزراءه المتطرفين من الصهيونية الدينية فإن وزير الدفاع المختلف مع نتنياهو أيضا مستاء من رئيس أركانه لأنه شكل فريقا للتحقيق دون مشاورته. إن الخلافات متشعبة ومتعمقة بشكل أكبر من تعقيد وتشعب أنفاق غزة، فهي خلافات بين وزراء مجلس الحرب وبين الوزراء ورئيس الوزراء وبين الحكومة والجيش وبين رئيس الأركان ووزير الدفاع وبين رئيس الوزراء ورئيسي الموساد والشاباك، وإذا أضفنا هذا للخلافات التي كانت قبل الحرب فإن الحرب كشفت مدى عمق هذه الانقسامات وحتى الجيش الذي نأى بنفسه عن الخلافات السياسية أصبح في قلبها، كما أن الخلافات أصبحت بين أعضاء الحزب الواحد وستمتد حملات التحريض إلى مديات أوسع وستحدث مزيدا من الانقسام وتدهور الثقة، وهو ما يجعل دولة الاحتلال أضعف وأضعف في الوقت الذي ما زالت القضية الفلسطينية تحصل على تعاطف أكبر والمقاومة تصمد في غزة وتتصاعد في الضفة الغربية.