12 سبتمبر 2025

تسجيل

سجناء بدون سجن ؟!

09 يناير 2020

كيف تم قتل ألف جندي أمريكي في السجون الكورية بدون اطلاق رصاصة واحدة ؟، بعد انتهاء حرب امريكا مع كوريا قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الامريكي بدراسة واحدة من اعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم فقد تم اسر وسجن حوالي الف جندي امريكي في تلك الحرب في كوريا، وتم وضعهم داخل مخيم تتوافر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية فهذا السجن كان مطابقا للقوانين الدولية من حيث الخدمات المقدمة للسجين، ومن حيث معاملته وهذا السجن لم يكن محصورا بسور عال كبقية السجون بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه الى حد ما، الاكل والشرب والخدمات متوافرة بكثرة وفي هذا السجن لم تكن تستخدم اساليب التعذيب المتداولة في بقية السجون. ولكن التقارير كانت تشير الى ازدياد عدد الوفيات في هذا السجن اكثر من غيره من السجون هذه الوفيات لم تكن نتيجة محاولة الفرار من السجن لأن السجناء لم يكونوا يفكرون بالفرار بل كانت ناتجة عن موت طبيعي ! الكثير منهم كانوا ينامون ليلا ويطلع الصباح وقد توفوا! رغم ان علاقتهم ببعضهم كانت علاقة صداقة مع اختلاف درجاتهم ورتبهم العسكرية وحتى علاقتهم بسجانيهم كانت علاقة ودية ! لقد تمت دراسة هذه الظاهرة لعدة سنوات وقد استطاع ماير أن يحصل على بعض المعلومات والاستنتاجات من خلال هذه الدراسة: 1- كانت الرسائل والأخبار السيئة فقط هي التي يتم ايصالها الى مسامع السجناء اما الاخبار الجيدة فقد كان يتم اخفاؤها عنهم. 2- كانوا يأمرون السجناء بأن يسردوا قصصهم وذكرياتهم السيئة على الملأ حول خيانتهم او خذلانهم لأحد أصدقائهم او معارفهم. 3- كل من يتجسس على زملائه في السجن يعطى مكافأة كسيجارة مثلا والطريف انه لم يتم معاقبة من خالف الضوابط مما ساهم في زيادة الخائنين وفقدان الثقة فيما بينهم، وعدم الاحساس بالأمان. لقد كشفت التحقيقات ان هذه التقنيات الثلاث كانت السبب في تحطم نفسيات هؤلاء الجنود الى حد تمنى الموت والوفاة بسبب: - الأخبار المنتقاة ( السيئة فقط ) هي المتداولة بحيث كانوا يفقدون الأمل بالنجاة والتحرر. - حكايتهم لذكرياتهم كالخيانة أو التقصير أمام الملأ والعموم ذهبت باحترامهم لأنفسهم واحترام من حولهم لهم. - تجسسهم على زملائهم قضى على عزة النفس لديهم ورأوا أنفسهم بأنهم حقراء وعملاء فاسدون. • خاطرة: وفي هذه الأيام يسعى أعداؤنا وكل من يريد تدميرنا نفسياً باختيار أسوأ الاخبار لايصالها إلى أسماعنا ونحن نتقبلها منهم دون وعي كامل، مثل: الأسعار مرتفعة، خريجو الجامعات بلا عمل، هذا الجيل بدون فائدة، الطعام المعلب يصيبنا بالسرطان، وغيرها من الأخبار السيئة، ولكن هل فكرنا بأنفسنا واستوضحنا وبحثنا عن الحقائق ونظرنا للجانب الآخر، ومن المستفيد من بث هذه السموم فيما حولنا، هل فكرنا بمدى استنزاف طاقتنا الايجابية ؟ حتى صرنا سجناء أفكار غير واقعية لا أساس لها من الصحة، كالسجناء فعلياً ولكن بدون سجن، فعلينا تحطيم هذا السجن الذاتي وايقاف تداول الأفكار ونشرها دون التأكد منها. [email protected]