11 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: يُشبه ضمير الإنسان بأنه "السلطة الذاتية الداخلية" الكامنة في الإنسان، سلطة الردع والمحاسبة وإنزال العقاب بصاحبه، إذا اقترف إثماً أو قام بعمل محرم أو غير أخلاقي، ينزل الضمير، العقاب بصاحبه على شكل لوم الذات أو الشعور بالذنب "Feelling of guilr"، والإثم والندم أو تأنيب الذات، وهو ما يعرف باسم تأنيب الضمير، والضمير بذلك يقوم بعمل "القاضي" الذي يحاكم ويحاسب ويردع ويعاقب، ومن هنا يوصف ضمير الفرد بأنه ذلك "القاضي الصغير" الذي يكمن داخل كل منا، وهذا القاضي قد يكون حاسماً وحاداً ويقظاً وقد يكون فاتراً ومتساهلاً وضعيفاً.والغريب في أمر هذا "القاضي الصغير" أنه يحاسب صاحبه حتى في غيبة السلطات الخارجية كالشرطة أو القضاء، بل إنه يحاسب صاحبه حتى عندما يكون واثقاً من أن أمره لن ينكشف، ذلك لأن الضمير قوة داخلية في داخل كل منا.وإلى جانب وظيفة الردع والعقاب هذه، فإن الضمير يقوم بوظيفة أخرى تشبه وظيفة "رجل الشرطة" فكأن الضمير رجل شرطة صغير يكمن داخل كل منا، مهمته منع وقوع الخطأ قبل وقوعه أو منع السلوكات المحرمة أخلاقية أو الممنوعة بالضبط، كما يمنع رجل الشرطة الجريمة قبل وقوعها، وهنا يمنع الضمير الحي صاحبه من الإتيان بالأعمال المحرمة أو المؤثمة قبل حدوثها.ويشبه عمل الضمير هنا أيضاً عمل رجل الجمارك الذي يمنع دخول المواد الممنوعة أو الخطيرة إلى داخل البلاد، وهنا يقوم الضمير مقام الرقيب الذي يمنع حدوث المخالفات الأخلاقية قبل وقوعها حتى وإن كان الإنسان متأكداً من أن أمره لن ينكشف للسلطات الخارجية، ففي الإنسان سلطة ذاتية هي الضمير.وعلى ذلك نتوقع أن الضمير الحي الوخاز يعمل على منع تفشي مظاهر الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية والضلال والظلم والقهر والاستبداد والعنف وما إلى ذلك من المفاسد، تلك الظواهر التي أصبحت تهدد كثيراً من مجتمعات العالم، إلى جانب جرائم استغلال النفوذ والإضرار بالمال العام، وهدره واستغلال السلطة، وخصوصاً عندما تجتمع الثروة والسلطة في يد شخص واحد ضعيف الضمير، الضمير هو الحامي الحقيقي والحارس لبسط العدالة والقضاء على الفساد.ولذلك كم نحن في حاجة ماسة إلى إحياء ضمائر الناس وخاصة تلك "الضمائر الغائبة" أو الميتة أو الضعيفة والتي أصبح من ثمارها ظواهر سلبية مثل الدروس الخصوصية، والارتشاء والغش والغلاء والثراء الفاحش، والفساد المالي والإداري والسياسي والاجتماعي تستطيع الدولة أن تضع شرطياً على رأس كل مواطن، ولكنها تستطيع أن تنمي ضمائر الناس وتوقظها وتغرسها في عقول الناس وفي وجدانهم ومشاعرهم... وبالله التوفيق.