19 سبتمبر 2025
تسجيلهذا البعض منهم من لا نحسن الظن فيهم ابتداء لأن نسبتهم الحقيقية لنظام الساقط حسني أكثر من نسبتهم لآبائهم وأمهاتهم وعلمهم وأكثر من نسبة المواقع التي يشغلونها لهم ولتسمياتهم .. ليس هؤلاء من أخاطب ولا هم أقصد ؛ ولكني أقصد تلك الطائفة من العلماء والدعاة – كالعفاسي ونصر فريد واصل والسديس - ممن أيدوا الانقلاب أو توقفوا في رفضه ولا نتهم نياتهم بقدر يقيننا ببسارة فهمهم وظننا أنهم إنما غفلوا عن خبث الخبثاء الذين أضلوهم واستخرجوا أسوأ ما فيهم من عوج الاستدلال ونكارة الاستنتاج .. وأقول :في البداية لا بد من تأكيد أن علماء الدين والدعاة كغيرهم من الناس لهم الحق أن يكون لهم رأي وتداخل على كل الأحداث والمجريات ، ولهم بل يجب عليهم أن يجاهروا بما يرونه الحق، ولهم بإمكاناتهم ومحض اختيارهم من شاء منهم أن يمارس العمل السياسي والصحافي والمجتمعي والخيري .. وللعلماء رسالة واضحة يؤدونها .. وكل ذلك على قاعدة أن حال الواقع وكل ما يؤثر على حياة الناس وسعادتهم وما يشكل الصورة العامة لمجتمعاتهم من سياسة واقتصاد وعلاقات وأفكار وممارسات لا يمكن فصلها عن قيم الدين وأحكامه التي ما جاء إلا لضمان صلاحها وتحقيق الغاية القصوى في عدالتها .. وعليه فدخول الدعاة وعلماء الدين على الجدال الدائر حول الثورات العربية والثورات المضادة لها وقبول هذا الرأي فيها أو ذاك أو ذلك أو رفضه وأن يكون لهم فهمهم واجتهاداتهم في توصيف ما يجري والحكم على صوابيته أو خطئيته .. كله حق لا يجادل فيه أو يعترض عليه إلا جماعة صغيرة تائهة تنتسب لما يسمى (العلمانية) وأصل فكرتهم وافدة مستجلبة لا تخصنا ولا تناسب ديننا وألقه وصلاحه .. لكن ثمة إشكال حقيقي هو أن العالِم قد تتحكم في آرائه وفي مواقفه ما يتحكم في الناس من نوازع الهوى واتجاهات الولاء الحزبي واعتبارات المصالح الشخصية وسعة أو ضيق المعلومات المؤسسة للفكرة .. فيقع تأطيره وتطويعه لفكرة قد تكون جاهلة لا تناسب علمه، أو خبيثة وعلى مقاس وفهم غيره ؛ وعندها سنجده يتكلم بلسان غيره لا من بنات أفكاره ولا من اجتهاداته الحرة المطلقة ولا باسم الدين وقيمه وثوابته .. فتدخله الأفكار الخاطئة والتوجهات البائسة لتخرج منه بعد دورتها بين أذنيه وقلبه ولسانه فتوى دينية مدعمة بمكانة من أطلقها وقداسة الدين ذاته الذي يفترض أنه يجسده بما يشبه في لغة الاقتصاد "غسيل الأموال " . من هنا فإن على العالِم قبل أن يدلي برأي يسمع أو يتخذ موقفا يقتدى به أن يستشعر عظم المسؤولية وخطورة الخطأ؛ وعليه أن يتحقق من الدعاوى وأن يمحص الأفكار وأن تكون له مصادر معلوماته المستقلة، وأن تكون موازينه ثابتة مؤصلة على نصوص الشريعة ومصالح الأمة وعلى (تقديم درء المفاسد على جلب المصالح ) وأن يخرجوا عن اعتبارات الهوى والخوف والطمع .. فإذا رجعنا لما يسوقه مؤيدو الانقلاب والمدافعون عنه من علماء ودعاة من المستندات فسنجدها على الإجمال والجمع لا تخرج عن خمسة 1- أن الإخوان يسعون للسلطة ويصارعون عليها 2- أن الشرعية التي يمثلها مرسي ليست موضع إجماع شعبي 3- أن المظاهرات والاعتصامات المستمرة مفسدة وتخرب السلم المجتمعي وبناء الدولة 4- وأن مسؤولية الدماء المسفوحة تقع على من أجج الناس للخروج 5- وأن الشعب المصري !! خرج في 30 يونيو الماضي لرفض حكم مرسي ..وفي الرد على هذه الدعاوى .. أقول : أما أن الإخوان يسعون للسلطة فلم أقع في يوم من الأيام على دليل أو شبهة دليل تمنع ذلك ؛ وعلى العكس منه وجدنا الأدلة متكاثرة وحاشدة وقطعية الورود والدلالة من الكتاب والسنة وتطبيقات السيرة على العمل لتحكيم شريعة الله وضرورة أن تقوم للمسلمين دولة وكيان وجيش يحمي المكتسبات.. وأما أن الشرعية ليست موضع إجماع فالذين اعترضوا عليها أيضا لم يكونوا إجماعا وهذا ينقض من الشرعية بمقدار ما يبني فيها ، وهو ذاته يمكن الاستدلال به على رفض الانقلاب وتشريع الخروج عليه، وأما أن المظاهرات مفسدة ؛ فلا مفسدة أعظم ولا أخطر من الانقلاب ذاته إلا مفسدة أن يمر كما أراده مخططوه ومنفذوه وكما تريده (إسرائيل وأمريكا) ومن لا يعرف مضمون ما أقول فليرجع للرابط التالي ليعرف من هم الانقلابيون، وماذا يريدون وما إن كان ما يريدونه مفسدة أم مصلحة .. (http://www.youtube.com/watch?v=mvQjgBAACzE ) ، وأما إيقاع مسؤولية الدماء المسفوكة على الإخوان .. فما ذلك إلا كالذي يردده الأفاكون المتهرئون أعداء المقاومة الفلسطينية الذين دائما يحملونها مسؤولية قتل مواطنيهم عند كل اعتداء غافلين أو متغافلين عن العدوان نفسه كدافع وكقاتل .. وأما أن الذين خرجوا في 30 يونيو كانوا الشعب المصري وأن عددهم 30 مليونا .. فإن هذه دعوى أقل ما يقال فيها لم تثبت فكيف تصلح دليلا لغيرها وقد تطرق إليها الاحتمال .. وأسأل هؤلاء العلماء والدعاة : هل يستطيع أحدكم أن يدافع عن هذه الدعوى بين يدي الله تعالى يوم الحساب ؛ أم أنكم سمعتم من يقول فقلتم مثل ما قال ؟ آخر القول : على العلماء والدعاة ألا يدخلوا الدين في منعرجات الوهم والتزييف والكذب وألا يصيروا أبواقا وأذيالا لمواقف غيرههم ، وأن يحذروا من توصيفات الخبثاء والانقلابيين والمبطلين من السياسيين والإعلاميين، وعليهم أن يعتصموا بنصوص الشريعة، وقيم الأخلاق والفضيلة، وأن يحموا مصالح الأمة وأن يدافعوا عن الحرية والاستقلال ومواضع الولاء والبراء .. فإن فعلوا فالظن أنهم لن يدافعوا عن الانقلاب ولن يساووا بينه وبين الشرعية بكلمة ..عدنانن