30 سبتمبر 2025
تسجيللقد أفلت القوة العسكرية الفجة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من العراق وأفغانستان، نعم لم تعد القوه الغاشمة مقبولة من طرف المعتدي ولا من طرف المعتدي عليه مهما طال الزمن، فكلفتها كبيرة ونتائجها غامضة على أفضل تقدير ولم تعد هناك مكتسبات اقتصادية كما يؤمل بل تكلفة باهظة، التدافع الاقتصادي هو الأساس في تصارع الأمم منذ فجر التاريخ وأن تخفى في ثياب بريئة أو تحت الاحتلال أو الاستعمار أو غيره، هو الاقتصاد فالاقتصاد هو من يخلق المردود والدافع الحقيقي وراء حروب الاستعمار، فإذا كانت الحروب دون مردود اقتصادي فإنها عبأ على البلد المحارب وقد يؤدي به إلى التهلكة من حيث تراجع اقتصاده ولقمة عيشه، تعود الإنسانية لحروب الاقتصاد ولكن هذه المرة الثنائي ليس الاقتصاد والحرب العسكرية بل الاقتصاد والحرب الرقمية، نعم أرض المعركة هو العالم الافتراضي ورأس الحربة هي الفيروسات وضحيته هو الاقتصاد وهياكل الدول وبناها، الفيروسات تدخل للمؤسسات والشركات والأجهزة الحكومية عن غير علم أصحابها لتحدث خرابا وتدمر بقدر أكبر من الحروب العسكرية والأسلحة التقليدية، أجل من خلال فيروس تستطيع دولة أو جماعة أو فرد من زرع برنامج يهدم مكتسبات الآخر دون تكلفة تذكر بل ودون معرفة الفاعل ودون قدرة المجني عليه من الحصول على القصاص أو الدفاع، فلا تزال القوانين غير مدركة ولا تحيط بما يمكن أن تحدثه برامج الحاسوب من تخريب يفوق الأسلحة والجيوش. وقد نقول إن حروب المعرفة أو الحروب الرقمية أصبحت على حقيقة وواقع. مما يحيد الأسلحة التقليدية بل قد تكون هذه الأسلحة ووجودها في أي بلد هو تهديد لذلك البلد، فإنه من خلال شبكات المعلومات يستطيع فرد أو جماعة أو بلد أن يسيطر على تلك الأسلحة ويتحكم فيها، تصور أن الأسلحة النووية في أمريكا تحت سيطرة القاعدة مثلا من خلال شبكة المعلومات، هذا طرح عير محتمل ولكن ممكن وهذا ما تخشاه البلدان المتقدمة خاصة عسكريا أن تصبح رهينة أسلحتها، وتتحول أسلحتها من مصدر قوة إلى أداة ابتزاز لقوى إقليمية أو معادية، نعم لم تعد الأمور كما كانت نحن في عالم جديد مازلنا نتعرف على معالمه. وما فيروس ستنكنست الذي أدخل المنشآت الإيرانية إلا دليل على مدى كون ما تملك من أسلحة خطر عليك، قد تكون هذه دعوة إلى التركيز على التنمية والاقتصاد فهي مصدر الرفاهية والعيش الكريم فهي الغاية حتى في حالة بناء الإمبراطوريات، هي المنافسة التزاحم والإبداع والابتكار، إذا أردت اقتصادا حيويا ونشطا لابد من الاختراعات وتسخير التقنيات والاستثمار في التعليم والنظر في مفاهيم البشر والبحث والدراسة، الاقتصاد طاقه خلاقة، بعكس القوة العسكرية فهي لا تجلب إلى الموت، هي آلت حصاد الأرواح والممتلكات وهي الطاقة التدميرية، كما رأينا في العراق وأفغانستان وغيرها من دول العالم من فيتنام وكمبوديا وجنوب كوريا، الحرب العالمية الأولى والثانية، لا خير يرجى من آلة الموت العسكر والحروب وفي النهاية تدفع الدولة المعتدية قيمة ما أقدمت عليه. لم تعد القوة العسكرية مهمة، بعد الحروب الإلكترونية، فأي طرف اليوم قادر على تسديد ضربات في عمق أي طرف آخر في عمقه الاستراتيجي وبشكل شامل خاصة إذا كان الهجوم موجة للكهرباء أو الاتصالات أو محطات الكهرباء النووية، أو إسرار البنوك وتعريض أرقام حسابات وكلمات السر لعملائها للخطر، أو أسرار الدولة أو أسرار البحوث أو أسرار الشركات، كل هذا مؤشر على مدى تضائل قدرة القوة العسكرية على التدمير وأفول الحاجة لها لأن العالم لم يعد في حاجة لها، بوجود شبكة المعلومات والقدرة على استخدامها في حال الحاجة للإضرار بالخصم دون تعريض أرواح البشر للخطر وبسرعة خاطفة وبإمكانات تقل بكل المقاييس عن القوة العسكرية. بلوغ القدرة الرقمية هو من خلال الاقتصاد وتحفيز قطاع البرمجيات.