10 سبتمبر 2025
تسجيليرى الخبراء والمختصون في شؤون قانون الإعلام وحرية الصحافة، أنه ليس بالأمر الهين تحديد أين ينتهي حق الفرد في الخصوصية وأين تبدأ حرية الصحافة؟. فبين حق الجمهور في المعرفة وحق الفرد كذلك في حرمته الخصوصية يوجد تناقض كبير من الناحية العملية. ومنهم من يرى أن أي قوانين أو إجراءات تنظيمية لممارسة المهنة الصحفية ستحد من حرية الصحافة وسيستغل أصحاب النفوذ والجاه والمال مثل هذه الإجراءات للتهرب من التحقيقات والاستقصاءات حتى لا تكشف الصحافة عن أعمالهم التي قد تناقض القانون والأخلاق والصالح العام.إن معظم مواثيق الشرف ومجالس الصحافة عبر العالم ركزت على مسؤولية الصحافة أمام الجمهور، ومسؤوليتها أمام المصادر، والدولة والموظفين كما ركزت كذلك على دورها الرائد في حماية النزاهة والالتزام المهني وكذلك العمل على حماية مكانة المهنة ووحدتها في المجتمع.والمقصود هنا بحرية الصحافة أمام الجمهور هو واجبها نحو هذا الجمهور بتزويده بالمعلومات الضرورية سواء لتشكيل الرأي العام أو لمعرفة ما يدور حوله سواء كان محليا أو إقليميا أو دوليا، وهذا يعني أن الكلام لم يكن موجها نحو موضوع الخصوصية وحرمة الحياة الشخصية لكل فرد في المجتمع سواء كان شخصية عمومية أو من عامة الناس، لكن بين ما تسنه وتسطره مواثيق الشرف ومجالس الصحافة والممارسة في الواقع هوة تكبر أحيانا وقد لا تكاد تذكر أحيانا أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الخدمة التي تقدمها الصحافة عندما تغطي خصوصية الآخرين، وخاصة إذا كانت الأمور تتعلق بالروتين والحياة العادية للنجم السينمائي أو للسياسي أو لرجل الأعمال. فإذا كانت التغطية لا تكشف عن عملية فساد أو رشوة أو تجسس أو استغلال نفوذ، أي بمعنى آخر التصرفات التي تضر بالصالح العام، وإنما هي تغطية تافهة تستغل من قبل صحافة الإثارة لزيادة المبيعات وزيادة القراء والمشتركين وبذلك زيادة حجم وسعر الإعلانات، ففي هذه الحالة نلاحظ أن الصحافة ابتعدت - بمختلف المقاييس والمعايير- عن مهمتها النبيلة في المجتمع. ومن هذا المنطلق يجب على مواثيق الأخلاق ولجان الصحافة عبر العالم أن تقنن وتنظم تعامل الصحافة مع الحياة الخاصة للناس وهذا بدون المساس بحرية الصحافة في الكشف عن الحقيقة والدفاع من خلال عملها عن الصالح العام. فقياس الغرض وتحديده في هذه الحالة يعني أن الغاية والهدف والقصد من وراء تغطية خصوصية الناس هي خدمة الصالح العام أم خدمة الإثارة وزيادة المبيعات والأرباح؟.