19 سبتمبر 2025

تسجيل

مجتمع بلا فقراء!!

08 ديسمبر 2015

أينما وليت وجهك اليوم تجاه أي بقعة على هذا الكوكب، إلا وجدت فقراء ومساكين يسألون الناس، رغم وفرة المال في كل المجتمعات البشرية.. لكن بسبب إساءات معينة لتلك الوفرة، تكون محصلتها على الدوام، فقراء ومحتاجين يتحولون بمرور الوقت لنواة أو مصدر مشكلات ومخاطر تهدد أمن تلك المجتمعات بشكل عام. لكن مجتمعاً ظهر في التاريخ كان على رأسه الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز، كما تتحدث الكتب التاريخية عنه، استطاع أن يقدم نموذجاً لمجتمع بلا فقراء، في سابقة تاريخية لن تتكرر بالسهولة التي يمكن تصورها..يمكننا بحسب مصطلحات اليوم، اعتبار عمر بن عبد العزيز أفضل مدير مالي عرفته الأمة إلى اليوم، لسبب بسيط لو لم يكن غيره لكفى، هو أن الفقراء اختفوا في عهده خلال عامين، حيث لم يجد مصارف تستقبل أموال الزكاة على سبيل المثال كواحدة من موارد الدولة المتنوعة حينها، حيث تروي كتب التاريخ قصته المشهورة يوم أن كان أمراؤه وموظفؤه على المناطق المختلفة يبعثون إليه يسألونه عن كيفية التصرف في أموال الزكاة، بعد أن تجمعت وفاضت ولم يجدوا من يسأل عنها من الفقراء والمساكين!.قال لهم عمر: أنفقوها على الفقراء، فقالوا: ما عاد في أمة الإسلام فقراء، قال: فجهزوا بها الجيوش، قالوا: جيوش الإسلام تجوب الدنيا، قال: فزوجوا الشباب، فقالوا: من كان يريد الزواج فقد زوجناه، فقال: اقضوا الديون على المدينين، فقضوها وبقي مال، فقال: انظروا إلى المسيحيين واليهود من كان عليه دين فسددوا عنه، ففعلوا ذلك وبقي مال، فقال: أعطوا أهل العلم، فأعطوهم وبقي مال، فقال: اشتروا بها قمحاً وانثروه على رؤوس الجبال لكي لا يقال جاع طير..مما يروى عنه كذلك أنه اشتهى ذات يوم تفاحاً، فأهدى له رجل من أهل بيته تفاحاً، فقال: ما أطيب ريحه وأحسنه. ارفعه يا غلام للذي أتى به، وأقرئ فلاناً السلام وقل له: إن هديتك وقعت عندنا بحيث نحب. فقيل له: يا أمير المؤمنين: ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية، فقال عمر: ويحك، إن الهدية كانت للنبي، صلى الله عليه وسلم هدية، وهي لنا اليوم رشوة..بذلك المفهوم عند عمر حارب منذ البداية سرطان الفساد المالي المتشعب، وأهم أنواعه الرشوة، التي كانت تُقدم باسم الهدية.. وذاك غيض من فيض فلسفة عمر المالية، التي أدت في النهاية أو كانت محصلتها النهاية، مجتمع بلا فقراء..