11 سبتمبر 2025
تسجيليقال إن المجتمع العربي لا يرحم، فهو يقيّم الشخص الذي أمامه، فيدافع عنه إذا نزل عند رغبته وحقق أهدافه وتطلعاته، وينتقده ويوجه له اللوم إذا لم يحسن الدور المنوط به، ومثال ذلك من يتقلد اليوم منصب "وزير"، فشتان بين " الوزير الضعيف " الذي لا يهش ولا ينش — كما يقولون — و" الوزير القوي " الذي يلفت انتباهك وتشدك تصرفاته ويعمل من أجل تحقيق المصلحة العامة لا المصلحة الخاصة!!. وعبر السطور القادمة سوف نحدد الفارق بين الوزيرين، ومن الذي يستحق البقاء، ومن عليه أن يرحل ويغادر لكونه لم يعد قادرا على العطاء أو السير في اتجاه التطوير والتغيير لصالح مجتمعه؟.قد يقول قائل:في كل دول العالم يوجد "الوزير القوي"، وعلى النقيض يوجد "الوزير الضعيف"، وذلك في المجتمع الذي يدير فيه وزارته. كما لا شك أن الوزير الذي يتمتع بالقوة هو ذلك الوزير الذي يتسم بعدة صفات.** من صفات الوزيرين:لعل من صفات الوزير القوي على سبيل المثال:اتخاذ القرار الشجاع، والكفاءة في إدارة أمور وزارته دون تردد أو خوف، والحزم في كل شيء، والتمتع بالصلاحيات الممنوحة له حسب الاستطاعة، والثقة بالنفس وهي من أهم سمات الوزير القوي.أما " الوزير الضعيف":فهو الذي لا حول له ولا قوة، فقد اعتقدوا عندما جاءوا به للوزارة بأنه سيكون المنقذ لها وللمجتمع والسير بالمهام والأعباء التي سيديرها بكل ثقة واقتدار، ولكن مع مرور الايام تبين انه "لا يعرف كوعه من بوعه" و"لا يتمتع بشخصية محترمة بين من يعمل بينهم، ولا يمتاز بكفاءة عالية وإدارة عادلة ومنصفة لعمله الذي أوكل اليه عندما تولى تلك الحقيبة الوزارية".وهذه الحقيقة المرة تكاد تتكرر في أغلب المجتمعات العربية، ومنها بالطبع مجتمعات الخليج، فكلنا نعايش نفس الهموم ونتقاسم نفس الآمال والآلام — ان صح التعبير — دون استثناء احد.** وقد يسأل البعض أيضا:هل من أسباب وجود أمثال هؤلاء الوزراء في مجتمعاتنا تكمن في من رشحهم لمثل هذه المناصب؟ لأن التزكية دائما ما تكون بمثابة الصك الذي لا يتغير — كما هو شائع — لأنه أصبح مملوكا فلا يتبدل أبدا، ولا ينكشف الخلل الا بعد أن تغرق سفينة الوزير الضعيف وينكشف المستور، وحينها عليه أن يقدم استقالته أو يتنحى أو يقال من منصبه لأنه يستحق ان يطلق عليه لقب "الوزير الضعيف أو المهزوز " بتقدير امتياز!!.** معايير تعيين بعض الوزراء:والمتابع لقرارات تعيين الوزراء في بلداننا العربية يجد ان البعض يعين من خلال أحد الخيارات او المعايير الاتية:أولا: عن طريق الكفاءة والمؤهل العلمي.ثانيا: عن طريق السمعة التي بني عليها أحد عوامل اختياره.ثالثا: عن طريق الترشيح من الآخرين. رابعا: عن طريق " معايير أخرى " وهي معروفة للجميع وتنتشر في أغلب دول المنطقة.** ولكن:رغم كل هذه المعايير والحسابات المعقدة، يبقى اختيار الوزير القوي هو المفضل دائما، أما إذا اغتشوا فيه الناس — كما يقولون — فان نتيجة ذلك ستكون كارثية ومأساة كبرى على الوزارة وعلى المجتمع، وستنعكس سلباً على من رشحه واختاره قبل توزيره!!.وباعتقادي الشخصي أن الوزير الناجح هو من يمتلك القرار والثقة ولا يتردد في التصرف تجاه خدمة وطنه وقيادته وشعبه بكل نزاهة وشفافية ولباقة وذوق رفيع بعيدا عن عوامل الفشل التي قد تأتي بفعل سوء القرار والخدمات التي تقدمها وزارته للمجتمع بشكل معاكس للواقع، فقوة الوزارة دائما ما تستمد من قوة وزيرها، مع حب واتقان العمل والاخلاص والتفاني فيه، وكل تلك العوامل من الأولويات، بجانب وضع الخطط المدروسة والمتأنية للارتقاء بالوطن، واستشارة من حوله من الخبراء ومن يفهم عمله جيدا، والتمسك كذلك بالموظف القطري الكفء حتى لو حاول مغادرة الوزارة لسبب من الأسباب!.** المستشارون الذين يوجهون الوزير:وللوزير الناجح صفة مهمة يجب الا تغيب عن البال وتتعلق بوجود " المستشارين " الذين يقفون بجانبه، وأعمالهم تكمن في الحاجة إلى تحقيق الاتي: — الدقة في تقديم المعلومات الصحيحة مع توفير الاختيارات الممكنة والمتاحة لصالح القرار مع شرح أبعاد جميع تلك الخيارات سواء كانت: الاجتماعية أو الاقتصادية أو الإدارية ونحوها على المدى القصير والبعيد. — قراءة ردود أفعال المجتمع وقياس الرأي العام تجاه القرارات مع تتبع التسلسل المنطقي والواقعي والعملي والعلمي لكل القرارات الصادرة. — اتباع عامل التجديد والتطوير في كل القرارات بما يساير الإبداع وفق المعايير المعاصرة شرط أن تكون مناسبة للبيئة المحيطة ولا تخرج عنها وتراعي عادات وقيم تلك البيئة وهو ما يجب ان يؤخذ في الحسبان دائما. — لابد من مراعاة التسلسل الزمني والخيارات البديلة في تطبيق أي قرار يتم اتخاذه ليكون إيجابيا. — لكي ينجح الوزير مع مستشاريه لابد من العمل عبر الاخذ بالدعم الشعبي ودعم القيادة قبل كل شيء.** من هنا:فان الوزير القوي والناجح هو من "يثير تفكيرك، ويسهم في شحذ همتك، بل ويزرع فيك عوامل الابتكار والإبداع ويسعى للحوار والانصات دائما دون اسكات للآخرين وتكميم أفواههم ويتعامل مع الأزمات بأعصاب هادئة".أما الوزير الضعيف والفاشل فهو من "لا شخصية له ويتصرف وكأنه يدير أحد " الأكشاك الصغيرة "، ولا يستمع لرأي المجتمع وأصحاب الأفكار النيّرة ولا يفرق في عمله بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة"!!.** كلمة أخيرة:لننظر إلى من حولنا اليوم، ونسأل أنفسنا هذا السؤال: هل لدينا وزير "ضعيف" يتخفى بثوب "القوة"؟