20 سبتمبر 2025

تسجيل

قبل أن تسيء الظن بالغير

08 نوفمبر 2015

إساءة الظن بالغير، من الأخلاق المعيبة والمقيتة في الإنسان وجالبة للهم والكدر كنتيجة نهائية، ذلك أن كثيراً من الأمور تُبنى على تلك الإساءة وبالتالي ما بُني على باطل فهو باطل.قال ابن القيم في تعريف سوء الظن بأنه امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس؛ حتى يطفح على اللسان والجوارح، وقال مفسر القرآن العظيم ابن كثير: سوء الظن هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله.العلاج بكل اختصار هو إحسان الظن بالغير.. مما يُذكر عن الصالحين أن سائلاً سأل ابن سيرين عن إحسان الظن بالغير، وكيفية التعامل مع النفس البشرية وسياستها والتعامل معها فقال باختصار ووضح رؤية وعميق فهم أنه إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد له عذراً فقل: لعل له عذرا. هل هناك أروع وأرقى من هذا الفهم المتقدم لطبيعة النفوس وكيفية سياستها في عالم تتشابك مصالحه وتتعقد؟ لقد سبقنا الأولون إلى هذا الفهم دون كثير تعمق في علوم النفس الإنسانية، ودون كثير خوض في فلسفات التعامل مع الغير، وظني أن الحاجة لمثل هذا الفهم هو الذي نحتاجه اليوم أكثر مما مضى، فكلما تشابكت المصالح وتنوعت العلاقات وظننا أنها ستقربنا إلى بعضنا البعض، رأيت أخلاقيات سوء الظن تسيطر على الأجواء، حتى صار الأصل في علاقاتنا هو الشك وليس إحسان الظن.إن من حقائق الكون الأزلية أنه لا يعلم النيات إلا الله، فكيف يتجرأ أحدنا ويسيء الظن بغيره ويتورط في علاقاته مع الغير دونما أي حاجة تستدعي لتلك الورطة وإساءة العلاقة؟ ومن هنا وحتى نحافظ على علاقاتنا مع الغير، بل ونكسب أكثر وأكثر من الأصدقاء والمعارف، لنحاول ألا نتورط ونفتح المجال لهذا الخُلق الأكثر من سيئ أن يتسلل إلى نفوسنا، بل لنعمل على أن نترفّع عنه، وحين تغلبك نفسك وتجدها مندفعة لإساءة الظن بشخص ما، تذكر قول ابن سيرين: لعل له عذراً وهكذا حتى سبعين عذرا.