14 سبتمبر 2025
تسجيللكل شعوب الأرض.. قديماً أو حديثاً، طقوس يؤدونها لممارسة شعيرة دينية خاصة بها، تمثل زيارة مكان ما، بعضهم إلى بيوت خاصة بهم، وبعضهم إلى الأنهار كما عند الهندوس في نهر – الجانج – ولكن الكعبة المشرفة.. الخاصة بعبادة المسلمين ذات تأثير خاص في نفوسنا جميعاً، ولها دلالاتها وتخلق منذ الإطلالة الأولى إطاراً سامياً للنفس والروح في آن واحد.. كيف.. أصوات الملايين ترتفع إلى عنان السماء.. لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك.. لا شريك لك.. أصوات تملأ أرجاء كل مكان.. في الكعبة المشرفة، في منى، في مزدلفة.. كل فرد تحمل مشقات الطريق وأتى إلى هذا المكان الطاهر المبارك.. هنا سمو الروح في أسمى معانيه، طوفان من البشر أتوا من كل أصقاع الدنيا.. في الطواف والسعي والصلاة، لا فرق بين هذا وذاك.. لا فرق بين غني وفقير.. ورجل وامرأة.. الكل يطلب المغفرة من رب العباد، ترى في كل آن الكتل تتحرك والمساواة في كل شيء العنوان الأبرز. هنا يتلاشى كل شيء اللون والعرق والعنصر.. هنا لا وجود للمذهب والمعتقد، إذن لماذا الفرقة؟ ولماذا الحروب والدمار حول العقيدة والمذهب.. إن للحج سطوة ما بعدها سطوة. امتزاج الروح والجسد والتلاحم.. وشهادة لا إله إلا الله.. وأن محمدا رسول الله، فلماذا الصراع الخفي والعلني.إن سر أداء هذه الشعيرة في توحيد كل شيء والامتزاج التام بين كل الأفكار والآراء والمعتقدات، في الطواف يلتحم الجميع، ويرفع يديه مبتهلاً إلى الباري يطلب المغفرة، فلماذا تنشب الصراعات عند العودة إلى أرض الوطن! في الحج يتلاشى كل شيء.. هنا تتجلى المساواة في أسمى معانيها. هنا الحرية في المطلق. هنا لا فرق بين عربي أو أعجمي.. أبيض أو أسود.. هنا يتجلى معنى الإيمان والتقوى.. هنا مؤتمر عالمي، أين منه كل مؤتمرات العالم.لا شيء أمام هذا الجمع.. ذي الهدف الواحد. الكل يطلب المغفرة والرحمة، هنا الصبر.. هنا السلام.. هنا كل المعاني الإنسانية.. هنا الحشد الذي أتى يحمل ذنوبه ويطلب المغفرة من ربه. وهل هناك مؤتمر أهم وأكبر من هذا الجمع. هنا في مكة وعبر كل المشاعر يشعر الحاج حقاً بجلاء الروح. وصفاء النفس، هنا تكريس حقيقي للإسلام في أعظم صوره وتجلياته. فما أعظم هذه الشعيرة. وما أعظم أثرها على النفوس.