13 سبتمبر 2025
تسجيلبعد كارثة الأمطار الأخيرة التي كشفت العيوب وأظهرت كل مستور تجاه ما قامت وتقوم به " هيئة أشغال " من أعمال تنفيذية لمشاريع البنية التحتية للشوارع والجسور والأنفاق ونحوها، يبدو أن الهيئة غدت لا تتحدث هذه الأيام سوى عن تحسين صورتها في وسائل الإعلام بأنواعه المختلفة لإقناع الرأي العام بأنها على حق وأن الرأي العام على باطل ! . كما أن مبدأ الشفافية كان غائبا في التعامل مع مثل هذه الأزمات التي لا تحدث لأول مرة بل حدثت مرارا وستحدث في المستقبل إذا لم تغير الهيئة من سياستها التي يجب أن تنفتح على الإعلام دون تشنج أو تردد في تقبل الرأي الآخر !!.أعجبني مع كارثة الأمطار الأخيرة وظهور العيوب في مشاريع أشغال أن الرأي العام قال كلمته بكل شفافية ودون أي قيود، فوسائل التواصل الاجتماعي وعبر الواتس أب برسائله المكتوبة والمرئية في الهواتف النقالة كانت أكثر حرية وجرأة في التعليق على الحدث وعلى الأخطاء الفادحة في تنفيذ المشاريع التي تتبناها أشغال، وبين لنا ذلك: كيف وصل الإعلام اليوم في دوره الريادي لمعالجة مثل هذه الكوارث البيئية من خلال التعليق اللاذع والفكرة الصائبة والتوصية المقنعة نحو هذه الكارثة ومن بعد ذلك التأثير على الرأي العام !! .** رسالة الإعلام والنقد البناء :الشيء الآخر والمطلوب اليوم هو أن تلعب الصحافة دورها الحقيقي في معالجة الأمر بعيدا عن المجاملات وعبارات الإطراء والمديح التي توجه إلى " هيئة أشغال " دون مبرر، خاصة أن الشارع القطري بدأ يتذمر وبشكل لافت للنظر تجاه مأساة الأمطار الأخيرة وجملة الأخطاء التي ظهرت في البناء والتصميم والمطالبة بمحاسبة الشركات المقصرة عندما تنتهي من بناء مشاريعها ولا توجد أي محاسبة لها بالشكل الذي يشعرنا بأننا نعيش في هيئة تعمل في دولة القانون وتنشد المساءلة عندما تحل مثل هذه الكوارث والأزمات !! . وهنا نؤكد على حقيقة مهمة نرددها في الإعلام دائما وهي أن لعبة الإعلام وقت الأزمات هي وسيلة الضعفاء لا الأقوياء للتغطية على الأخطاء، لأن الحقائق لا بد أن تنكشف دون تكلف !. ويبدو أن أشغال كانت تتحسس مما نشر في الصحف القطرية وشبكات التواصل عن الأزمة الأخيرة والأزمة التي سبقتها، ولا تعلم أشغال أن النقد البناء من أسمى أدوار الصحافة في إيصال رسالتها الصحيحة بهدف حفظ المال العام .فالنقد الصحفي للمؤسسات والأجهزة الحكومية يجب أن يكون هادفا بنسبة 100 % بعيدا عن تحقيق المآرب الشخصية، بل يجب أن يقدم بموضوعية تامة دون تضخيم أو مبالغة لا تخدم الرسالة الحقيقية لها ! . ولهذا نجد أن النقد الصحفي الهادف استطاع أن ينجح في تسليط الضوء على الكثير من السلبيات في الدولة، وبخاصة بعض البؤر التي تحتاج إلى الإصلاح بسبب الفساد الإداري وضعف وسوء الخدمات في العديد من الأجهزة الحكومية !! . ** انعدام الشفافية والمساءلة :لذا، فمصلح " الشفافية والمساءلة " ما زال مفهومه الحقيقي مغيبا وغير مفهوم عند المسؤولين، لأن معناه الواسع – كما يقال - يعني :" توفير المعلومات الموثوقة والمتعلقة بالنشاطات والإجراءات والقرارات والسياسات التي تتخذها المؤسسة وضمان الوصول إليها " .ويقول أحد المتخصصين في الشفافية :" الشفافية هي نقيض الغموض أو السرية في العمل، وتعني توفير المعلومات الكاملة عن الأنشطة العاملة للصحافة والرأي العام والمواطنين الراغبين في الاطلاع على أعمال الحكومة وما يتعلق بها من جوانب إيجابية أو سلبية على حد سواء دون إخفاء، وكذلك يتضح أن الشفافية تتعلق بجانبين الأول يتعلق بوضوح الإجراءات وصحة مصداقية عرض المعلومات والبيانات الخاصة بالوحدات والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة والعامة ووضوح العلاقات فيما بينها من حيث ( التخطيط – والتمويل – والتنفيذ للوصول للغايات والأهداف المعلنة مسبقاً، في حين يتعلق الجانب الثاني بعلاقة ذوي العلاقة من الخدمات التي يقدمها الجانب الأول وحقهم في الحصول والوصول للمعلومات الصحيحة والحقيقة في الوقت المناسب " !! .ويضيف :يرتكز ميثاق الممارسات السليمة في مجال الشفافية المالية العامة على عدة مبادئ عامة يقوم عليها الهيكل التنظيمي لميثاق المؤسسة أو الهيئة منها : إتاحة المعلومات للجمهور، حيث يؤكد هذا المبدأ على أهمية نشر المعلومات المالية الشاملة عن المالية العامة في أوقات يتم تحديدها بوضوح، حيث ينبغي أن تتضمن وثائق الميزانية عرضاً للتوقعات المالية العامة في الفترة المستقبلية، وكذلك ينبغي الإفصاح عن الخصوم الاحتمالية في الميزانية السنوية، ويعين عرض التكلفة التقديرية لجميع بنود النفقات، وكذلك استيفاء متطلبات المعيار الخاص لنشر البيانات فيما يتعلق بتقديم المعلومات عن الدين العام والالتزامات السابقة . ولهذا فالمطلوب محاربة ومكافحة الفساد وغرس قيم الشفافية والمساءلة والنزاهة بالمجتمع من خلال صياغة وتطبيق أعلى قيم ومبادئ الشفافية والمساءلة والنزاهة ودعم وتطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بها !! .** غياب التقطير والتفاوت في الرواتب :من القضايا المهمة التي تثار بين الحين والآخر في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وما يتعلق بالعمل في " هيئة أشغال " قضية " تقطير الوظائف " وأن هناك هيمنة من قبل الأجانب الذين يتم توظيفهم بالهيئة وبرواتب عالية وعدم منح الأولوية للمواطنين المواطنين وهو ما يتعارض مع ما تنشده رؤية قطر الوطنية 2030، ولعل منح المرتبات المرتفعة التي تمنح على طبق من ذهب للوافدين، كل ذلك يأتي على حساب القطريين، وهذا ما جاء على لسان الكثير ونشر عبر الصحف القطرية، دون أن نجد أي رد من أعلى هرم داخل الهيئة أو أي تعليق على هذه القضية المهمة !! .** ما هكذا تورد يا (أشغال) الإبل :ونحن هنا لا نريد من " أشغال " تذكيرنا بما كان يحدث في خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما كانت بعض الحكومات العربية وغير العربية تظهر بياناتها العسكرية بعد كل حادثة أو هزيمة ما لشعوبها بصورة مخجلة عبر التلفيق وتحريف الحقائق دفاعا عن نفسها وتكذيبا لما يشيع في أوساط المجتمعات لكي تسكت هذه الشعوب المغلوبة على أمرها عن واقع الأحداث . وهناك مثل عربي قديم على هيئة بيت من الشعر العربي الفصيح ما زال يجري مجرى الأمثال الشائعة في البيئة العربية، ننشده هنا في هذا المقام وهو يواكب هذا الحدث، يقول المثل :أوردها (سعدٌ) و(سعدٌ) مشتمل ما هكذا تورد يا (سعدُ) الإبل ** كلمة أخيرة : هيئة أشغال لا ينبغي لها أن تنشغل بتحسين صورتها إعلاميا في المجتمع، دون أن تبادر إلى تحسين خدماتها وإبراز إنجازاتها الحقيقية عبر كشف الشركات المخالفة لمشاريعها ومحاسبتها على أخطائها ونشر تلك الإخفاقات والجزاءات في الصحافة المحلية لتكون عبرة لمن يعتبر، مع نشر أسماء هذه الشركات المخالفة دون تردد لأن ذلك يخدم الصالح العام !! .