03 نوفمبر 2025

تسجيل

فن النصيحة

08 أكتوبر 2014

لا يريد أحد من الناس أن يظهر مخطئاً أمام الآخرين ولكن الأصل بأن العاقل والحكيم هو الذي يتمنى أن تُعد أخطاؤه حتى تُصحح له ويتعلم منها وقليل من يدرك هذا. حتى تستطيع تقديم النصيحة للناس يجب قبل ذلك أن تراعي عدة عوامل، وعلى سبيل الذكر لا الحصر يجب أن تعرف شخصية الطرف الآخر وتتمكن من الإحاطة ببعض سماته الشخصية الظاهرة، فإذا كان شخصاً حساساً يجب ألا تبالغ في نصحه وتوجيهه، وإنما تشير لهذا الأمر من بعيد دون أن تثير حساسيته، أما الشخص غير الحساس وصاحب الشخصية الانطوائية فلا بأس بأن تباشره بالنقد ولا مشكلة من ذلك أبدا. الأمر الآخر، يجب أن تلتقط أنفاس المنصوح وليس شخصيته فقط، وأن تراعي اختلاف المكان والزمان والحضور أيضا، فالبعض يقبل النصيحة في مكان وزمان يختلف عن البعض الآخر، فربما تنصح إنسانا ولا يستجيب، لا لأن النصيحة لا تنفع معه، ولكن لأنك لم تتقن فن النصيحة، وإذا نصحته أكثر من مرة ولم ينفع فيه النصح فربما لأنك تعيد النصيحة ذاتها بنفس الطريقة كل مرة وهو ما يدعو الطرف الآخر إلى عدم الاستجابة. جاء في الطرح القرآني مع علاقة الزوج بزوجته وعند حدوث خلل ما بينهما، أن النصيحة تكون كل مرة بطريقة مختلفة حتى تدق جرسا في قلبها آخر المطاف، كذلك (مروهم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) وهذا المدى الطويل حتى تنوع طريقتك في النصح وليس فقط حتى تكرر ذات النصيحة. يجب أن نفكر أيضا في سماتنا الشخصية نحن أنفسنا، وفي طريقتنا مع بعضنا، فربما يباشر الإنسان النصيحة بلسانه، وربما بالعين فقط، وتغيير معالم الوجه أحيانا تغني عن التعبير بالكلمات، قد تكون النصيحة بالإشارة باليد أو بطريقة أخرى، وأحيانا بالمزاح والمداعبة المباشرة أو غير المباشرة، وأحيانا تتجه بالنصح للآخر عن طريق نقد ذاتك، فتحمي ذاتك ليس لحماية ذاتك فقط وإنما لحماية ذات المنصوح. يجب عليك أن تفطن لذاتك وأن تنتبه لطباعك، هذه الطباع هي تشكيلة نفسية في داخلك تتمثل في جوارحك وأهم هذه الجوارح هو اللسان، حيث لا يتقن فن النصيحة من لم يتقن فن الحوار أساسا، فإن جهلت فن الحوار وأردت أن تكون مميزا في النصيحة؛ كنت كمن يريد أن يبدع في الرياضيات وهو لم يتقن جدول الضرب ابتداء.