09 سبتمبر 2025
تسجيلفي كل لحظة كان يرمي بقفاز التحدي في وجوه الشعراء.. وكأنما هذا الأمر يشعره بالتفوق والعظمة.. هل كان هذا جزءًا من لعبة كان يمارسها لإثارة الآخرين؟! أم كان شكلاً محفزًا للآخرين للإبداع..؟! وإلا ماذا تفسر ونحن نتأمل ما كان يترنم به.. - أنا الذي نظرَ الأعمى إلى أدبي وأسْمَعَتْ كلماتي مَنْ بهِ صَمَمُ - أنامُ ملءَ عُيوني عن شوارِدها ويسهرُ الخلقُ جَرّاها ويَختَصِمُ من هنا فهو شعار كل العصور في لغة الضاد.. والآن نتوقف أمام الشعراء الذين ارتموا في أحضان هذا الشاعر الكبير الذي غيّر بلا شك من نسيج بلاغة القول.. كان في هذا العصر شعراء ترنموا بمكانة "المتنبي" وإذا كان قديمًا "المعري" لا يجد من يوازيه.. فالمعري هو واحد من ركائز الإبداع العربي.. فكرًا وشاعرية.. أما في هذا العصر فلا يمكن أن يغيب عن الذاكرة ما كان يمثل "المتنبي" للعديد من المبدعين العرب.. من أمثال: "الطيب صالح، محمود درويش، غازي القصيبي"، وقبل هؤلاء جيل بأكمله من أمثال رائد حركة الإحياء في الشعر العربي، كما يذهب العديد من الباحثين في إطلاقه، على الشاعر محمود سامي البارودي.. أمير السيف والقلم كما أطلق عليه.. كان التأثير واضحًا ولسنا هنا في مجال المقارنة، ولكن كان التأثير جليًا عند معظم شعراء العصر، ومن لم يحفظ أو يردد ما التصق بذاكرته حتى وإن كان بعيدًا عن الارتماء في أحضان الأدب. ألم يتأثر أمير شعراء هذا الزمان أحمد شوقي بروائع المتنبي؟ وبخاصة في إطار المديح.. حتى وإن لم يكن يريد الخوض في هذا الغمار.. فإن شيطان الشعر كان يدفعه إلى الاقتباس.. عفوًا أو التأثير والتأثر.. عفوًا أو حضور المتنبي اللاإرادي.. فهذا الشاعر يقتحم دون استئذان عوالم الإبداع عن الآخر.. القائمة تطول بالشعراء الذين وجدوا في أبي الطيب المتنبي الإطار الأبرز والأكمل في استحضار سحر البيان عبر كل الأجيال.. بدءًا بالجواهري، الأخطل الصغير، معروف الرصافي، عمر أبو ريشه، بجانب شعراء المهجر، الشاعر القروي.. كانت صورة المتنبي الشعرية والإبداعية حاضرةً عند معظم شعراء الضاد.. وهكذا بعد أكثر من ألف عام لا يغيب هذا الشاعر عن كل الأجيال.. يقول أحدهم: إن كل من ارتبط بالشعر لابد وأن يحتل ديوان المتنبي الجانب الأبرز من سريره في غرفة نومه..!! [email protected]