30 أكتوبر 2025

تسجيل

أحسنوا نواياكم

08 سبتمبر 2020

اختلطت الأمور في دوامة الحياة لتجرفنا معاركها الضارية مُجردين من اسلحتنا البديهية كالتمعن والادراك والتفكر، فنغفل عن منابع أفكارنا ومصادرها الضبابية، ليستعصي علينا التمييز بين ما نفعله ونفكر به وبين ما يجب ويفترض علينا فعله والتفكير فيه. وكل ذلك بسبب تجاهلنا لتسلسلها ونتائجها التي تجعلنا نغوص في وحل من الأفكار والتوقعات السلبية دون ان نعي بأن ما نفكر به الآن هو حاضرنا ومستقبلنا. لقد اثبتت الدراسات أن 80٪ من الناس يُفكر بسلبية مع ذاته ويتبنى أفكارا سيئة عن الآخرين دون ان يعي ان هذه المعتقدات ستتحقق عندما نقتنع بها ونترجمها لمشاعر وسلوكيات يومية لتغدو مصيرنا المحتوم. هل هذا هو الفكر الذي نصبو اليه؟ وهل هذه هي الحياة التي نرجوها؟ لن نجد إجابات محددة لتساؤلاتنا، ولو فتحنا لها بابا لتباينت المبررات والأعذار بانية سداً عظيماً يحجب نور شمس السعادة والتصالح الروحي الذي نصبو إليه. لتعلم عزيزي القارئ ان دائرة حياتك تبدأ بفكرة تشغل حيزاً من عقلك فتولد لك مشاعر (سعيدة أو حزينة)، عندما تترجمها لسلوك وتكرره تغدوا عادة من عاداتك اليومية مما يُكون شخصيتك مع مرور الوقت وبالاستمرارية تحدد مصيرك لتغدو بالنهاية ذا فكر (إيجابي أو سلبي) ينقلك الى مشاعر عميقة تحثك على فعل سلوك أكثر تطوراً وبمواصلة تكراره تتشكل شخصية عظيمة بمصير أسمى وهكذا تدور الدائرة إلى ما لا نهاية. وبما ان العقل البشري حسب تقارير علماء الطب لا يستطيع ان يركز بكفاءة إلا على معلومة واحدة فقط في وقت واحد. فإن عليك ان تحرص على ان تركز على الأمور والأفكار الإيجابية وتبتعد عن كل ما هو سلبي. لأن مقولة (كل ما تُركز علية يصبح واقعك)، حقيقة تستدعي الانتباه لكل فكره قبل تبنيها والاسترسال فيها، فالأفكار تؤثر على مشاعرك وبالتالي تنعكس على أحكامك حول أمور الحياة والأشخاص من حولك كما لها تأثير قوي جداً على نظرتك وايمانك بذاتك، فأي أمر تتوقعه وتكرره سيصبح اعتقاد يلازمك طوال حياتك. هذا وكن على يقين بأن كل ما تؤمن به سيثبت الكون لك صحته، فإن كنت عازفا عن الزواج ومناصراً للعزوبية، عليك ان تلاحظ وتراقب رسائل الكون حولك التي تثبت لك صحة معتقداتك من خلال المقربين منك وتجاربهم السابقة، كما أنك ان حدث وفكرت بخوض هذه التجربة ستظهر لك العديد من المعوقات لتثبت لك بأن هذا القرار لا يناسبك. ولكن المشكلة ليس بقراراتك أو بالتجارب المحيطة بك، بل هي افكارك الدفينة التي تراكمت من تجربة شخصية ومعتقد قديم بنيت عليه توقعاتك لهذا النوع من العلاقات بسبب مخاوف عميقة لم تتمكن من الوصول إليها. إما بسبب نكرانك لوجودها وهي الحالة الأصعب أو لكونك لم تحاول ان تتخلص من رواسبها التي تثقل ظهرك كل تلك السنوات. لذا علينا ان نراقب أفكارنا عن ذواتنا ونحدد كيف نراها الآن؟ توقف قليلاً لتسأل نفسك هل أنا شخص متشائم أم محب للحياة كما انه من الضروري الانتباه لتوقعاتنا عن الاخرين والحياة المحيطة بنا ولا نغفل توقعات الاخرين عنا لما له من أثر كبير وعميق على انتاجيتنا وتطورنا. بالإضافة الى ملاحظة التوقعات التي نضعها في أهدافنا المستقبلية والتي بدورها ستحدد إمكانية تحقيقها من عدمه. فقد تمتلك الدوافع والامكانيات والمهارات اللازمة لتحقيق هدف معين ولكنك لن تبلغ مبتغاك بسبب تفكيرك السلبي وتوقعاتك المتشائمة مما يجلب لك نهايات تعيسة. كحال الكثير من الأمهات والاباء الذين يعتقدون بأن كثرة التفكير في أبنائهم وتخوفهم المستمر سيحقق الأمان والسعادة لأطفالهم، في حين انهم لا يدركون أنهم بهوس المخاوف والتوقعات السلبية يقترب أطفالهم أكثر فأكثر لكل مخاوفهم واعتقاداتهم السلبية. لذا فإنه من المهم جداً ان نتدرب على توقع الخير من أنفسنا والآخرين وكل ما يحيط بنا ونظهر الجانب الإيجابي ولا يعني ذلك ان نبتعد عن الحرص، ولكن ينبغي ان نركز على النوايا وليس السلوك (فوراء كل سلوك نية). لذا ابحث عن النوايا، ولا تعتمد النوايا السلبية، فيصبح مصيرك التشاؤم، بل جاهد نفسك على تبني الأفكار الإيجابية والتوقعات الجيدة لتتحقق وتنال الخير كله (أحسنوا نواياكم فعلى نياتكم تُرزقون).