20 سبتمبر 2025

تسجيل

هذه هي الحياة

08 سبتمبر 2015

هناك حقيقة واضحة غالباً نتناساها أو ربما ننساها في زحمة الحياة الدنيا.. تلكم الحقيقة تتلخص في أنك لست الوحيد في هذه الحياة، الذي يعاني ويتألم أو يشعر بالظلم أو يمرض ويتكدر، أو غير ذلك من سلبيات ومآسٍ وقساوة من العيش عميقة ومتنوعة..نعم، أنت لست الوحيد، وليس ذاك أو أنا أو تلك، بل لن يكون أي أحد منا هو الوحيد المظلوم أو المتألم أو المتكدر، فمثلنا ربما مئات الألوف أو ملايين من البشر، ولا يعني عدم شعورك بهم أو رؤيتك لهم، أنهم غير موجودين. اعلم أنه ليست هناك من حاجة عند أي أحد يعيش حياة هانئة لا قسوة فيها أو ظلم أو كدر، لأن يأتي ويظلمك أو يقسو عليك أو يضرك بشيء، إلا من به خلل في تكوينه النفسي، وهذا الشخص ليس قاعدة يمكن أن نبني الأحكام وفق تصرفاته، ولكن الحقيقة والأصل أن الإنسان لا يظلم غيره ما لم يجد الدافع الى ذلك، بل لماذا يفعل ذلك ويظلم مثلاً، وهو يعيش تلك الحياة التي نطمح إليها جميعاً؟ إذ هكذا الأصل أو الفطرة السليمة، ولكن مع ذلك ستقول لي إن هناك من تتوفر فيهم كل تلك الصفات ولكن مع ذلك يتلذذون بتعذيب الآخرين وتكدير صفو حياتهم.. فأقول لك نعم، هذه هي القصة التي أتفق معك عليها، وأرغب الإشارة إليها.إن مآسي ومشاكل البشر ومظالمهم كلها إنما نتاج لأمراض متغلغلة في نفوس البعض، الذي يتلذذ بتعذيب الآخرين، كأمراض الحقد والحسد والبغضاء واللؤم والغدر وغيرها كثير كثير.. إنها هي الأمراض التي تتسبب في أن يكون هناك ظالم وقاسٍ ومتجبر وفاحش عنيد، ولو أن القلوب صافية لا غل فيها ولا حسد ولا حقد، والعقول متفرغة للتنمية والإنتاج وخير البشر، لن تجد ضحايا لأولئك الظلمة والمتجبرين والمجرمين. من هنا أريد أن أعود إلى مقدمة هذا الحديث، وأصل بكم إلى حقيقة دنيوية كثيراً ما نغفل أو نتغافل عنها أحياناً، خلاصتها أن هذه الدنيا هي دار كد وكدر، وتعب ونصب، وإعياء وعدم استقرار، وأن حياةً هذه صفاتها ومظاهرها، فلا عجب أن تجد فيها مرضى قلوب ومرضى عقول، لا همَّ لديهم سوى إلحاق الضرر بالآخرين والانتعاش على حساب كدر الآخرين.. إلا أن الصبر والتصابر على تلك البلايا، يمكن اعتبارهما ها هنا علاجاً طبيعياً لمثل هذه المشاعر. لا تنتظر أن يشرق عليك يومٌ تكون بلا كدر ولا تعب أو ألم، ولكن كلما صبرت وتصابرت، اشتد إيمانك وقويت إرادتك وفهمت حقيقة الحياة الدنيا، التي نعتقد أنها قنطرة لحياة أخروية نتمنى أن نعيشها ونكسب خيرها ونعيمها، حيث رضوان من الله ورحمة على من يعيشها يومئذ.. ولمثل ذلك ندعو وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.