12 سبتمبر 2025
تسجيليبدو أن الاستغلال بكل قباحته أصبح سمة في كل شيء، فما إن صدرت مهلة إخلاء الفلل والمنازل المقسمة حتى فتح الفك المفترس (الإيجار) فكيه ليبتلع فرائسه مواطنين ومقيمين الفارين من عواقب سكناهم في شقق مخالفة، وكانت فرصة الفرص لمصاصي الدماء أصحاب معتقد هل من مزيد والذين انقضوا على المؤجرين وهم في حالة هلع من إجلائهم بالقوة الجبرية ليضاعفوا إيجاراتهم بين يوم وليلة منتهزين فرصة احتياج الناس لمكان يؤويهم بدل البهدلة في الشارع بنساء، وأطفال، وكبار لهم احتياجاتهم الضرورية وأولها أربع حوائط تسترهم عن العيون، ولعل السادة المسؤولين الذين أصدروا قرار الإخلاء والمهلة لم يصل إليهم متاعب وهموم ودوخة الناس وقد وجدوا أنفسهم بلا سكن عوضا عن أصحاب عقارات يخلون مسؤوليتهم عن وجودهم في شقق مطلوب منهم إخلاؤها، ليس سهلاً أبداً إيجاد شقة مناسبة في يومين أو ثلاثة أو أسبوع أو حتى شهر، الأمر أصبح في غاية الصعوبة في ظل صقرين من الجوارح يتربصان بجيب المسكين الذي يبحث عن سكن لينقضا بمخالبهما على لحمه الحي فيدميانه، أولهما اسمه صاحب العقار، والثاني السمسار وكلاهما يتفقان على مص دم الضحية؛ الأول بإيجاره والثاني بالمغالاة في هذا الإيجار ليعظم سمسرته وكثيراً ما يكون السمسار من جماعة بير السلم الذين لا يملكون تصريحاً بأعمال السمسرة التي أصبحت في الدوحة عمل من لا عمل له، أما المستأجر المسكين فيدفع في كل حال وهو صاغر لا حول له ولا قوة إلا بالله. الدنيا (قايمة قاعدة) بعد تفعيل قرار عدم التقسيم ومعاقبة المخالفين وفي قلب المعمعة يصرخ أصحاب الفلل المقسمة (خسرنا خسارة فادحة) بإلغاء التقسيم نريد فرصة حتى انتهاء العقود التي هي كثيراً ما تكون من الباطن، آخرون يطالبون وزارة البلدية بإجراء فحص شامل على مساكنهم المقسمة للتأكد أنها آمنة في تمديداتها الصحية، والكهربائية ومنحهم إجازة بتأجيرها، أما المستأجرون فيصرخون أين نذهب وأسعار الشقق نار.. نار.. نار؟وتفجرت من المشكلة أكثر من مشكلة منها أن حديثي العقود بالفلل المقسمة استغلهم سماسرة أخذوا منهم نصف شهر قبل توقيع العقد فلما خرجوا من سكنهم المخالف الذي لم يضعوا فيه كرسيَّا بعد وطالبوا السماسرة برد ما أخذوه من عمولة، على اعتبار أن ما أخذوه ليس من حقهم لعلمهم بقانون عدم تقسيم السكن الصادر من فترة طويلة ورغم ذلك أجروا مباني مخالفة رفض السماسرة رد ريال واحد على مبدأ "اللي دخل الجيب ما يخرجش ولا بالطبل البلدي".وتكثر هموم الناس المنتظرة الإخلاء، أحد المستأجرين وقع عقد شقة صغيرة في فيلا مقسمة قبل يومين فقط من صدور الإنذار بإجلاء المخالفين، ولما وجد نفسه أمام ضرورة البحث عن شقة أخرى ذهب يطالب السمسار بألفي ريال حصلها منه كسمسرة لدفعها لشقة أخرى، كان يعتقد أن السمسار سيخجل من توريطه في شقة مخالفة وسيرد العمولة ومعها اعتذار عن (الدوخة) لإيجاد شقة مناسبة لكنه صدم عندما رفض الأخ رد العمولة ولما تشاجر معه وهدد باللجوء إلى الشرطة قال السمسار بكل وقاحة (معاك ورقة تثبت أنك دفعتلنا فلوس) نصب علني، فأين يذهب الناس؟ لمن يذهبون؟ وهل سيتفرغون لمراجعة الشرطة، وكتابة المحاضر، وحضور الجلسات، أم يتفرغون لوعكة وورطة البحث عن شقة في وقت لا يسعف بشيء؟ مشاكل كثيرة يعانيها الناس هذه الأيام خاصة من محدودي الدخل الذين دفعوا سمسرة (راحت عليهم) ومطالبون بسمسرة جديدة لسكن جديد وليست في جيوبهم؟ الثابت أن الفلل المقسمة حلت أزمات كثيرة لمواطنين ومقيمين في ظل إيجارات ملتهبة لا ترحم الناس والحل حتما عند السادة المسؤولين الذين يمكن أن يعالجوا هذه المشكلة ببناء تجمعات سكنية تصلح فعلاً لمحدودي الدخل وتناسب رواتبهم دون أي زيادة كما حدث في القرى التي تغيرت عقودها بعد سكن الناس ولم تعد تصلح لمن يئن من منشار الإيجار! يبدو أن إطلاق مهلة طويلة نوعاً ستكون حلاً مؤقتاً لإيواء الناس وعدم تشريدهم، وفرصة لتكميم الإيجارات من قبل الانتهازيين، والمستغلين، ثم بعد ذلك فحص الفلل، والمساكن وهي قيد الإنشاء للتحقق بأنها تخص أسرة واحدة بدلاً من قبيلة من البشر تتحرك في غرف ضيقة خانقة، وأحياناً لا تكاد ترى الشمس ومرات لا تحتمل تمديداتها الكهربائية زيادة أي حمل جديد والناس المساكين صابرون!شكوى من تجارة أخرى اسمها (خدم المنازل) يقول جارنا وصلت الخادمة، ذهبت لتسلمها فوجدتها في حالة من الإعياء الشديد! لماذا؟ لأن تاجر مكتب استجلاب الخدم أخذ منه مبلغاً وقدره لإحضار خادمة أرسلها إلى اليمن ترانزيت لتظل 12 ساعة دون نوم أو طعام في رحلة غير مباشرة كلفته ألفي ريال مع التأشيرة والباقي نام في جيبه! السؤال لماذا ندفع هذه المبالغ لاستحضار خادمة؟ لعل انتشار مكاتب استجلاب الخدم في كل سوق، في كل شارع، في كل مجمع يشي بجواب يقول إنها تجارة ربحها أسطوري، وادفع يا مضطر، واشفط يا تاجر، وبقي أن نقول يا سادة يا مسؤولين احموا الموجوعين، المسلوبين، من جشع الطماعين المستغلين، فوحدكم وحدكم تستطيعون وقف مجزرة ادفع يا مواطن، ادفع يا مقيم.