15 سبتمبر 2025

تسجيل

خبراء الأمم المتحدة وحالة حقوق الإنسان في السودان

08 يوليو 2024

من هم أعضاء مؤسسات المجتمع المدني الوطنية الذين سيلتقون بالسيد/ رضوان نصير خبير الأمم المتحدة؟ سيبدأ السيد/ رضوان نصير زيارته الميدانية الأولى للسودان بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وسيلتقي بالمسؤولين في بورتسودان ويزور بعدها مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور. وإن جاءت هذه الزيارة متأخرة بعد أن تعرض الآلاف للقتل والسلب والنهب والاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري والتجويع والحصار ومنعهم من التمتع بالحريات الأساسية التي كفلها لهم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الأساسية. نأمل أن يتمكن خبير الأمم المتحدة من إحداث تغيير إيجابي في الصورة الذهنية للآليات الدولية لحقوق الإنسان في بلد مزقته الصراعات والأزمات التي انتقلت من إطارها الضيق ما بين النخب السياسية لتؤثر سلبيا على أداء المنظمات غير الحكومية المعنية التي تتمثل غايتها في العمل من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان وكفالة تمتع الأفراد والجماعات بها وليس من بين غاياتها الوصول إلى السلطة أو تغيير النظام. والسؤال الذي طرحته لا بد من الإجابة عليه بشفافية حتى يعلم الشعب السوداني وضحايا الانتهاكات على وجه الخصوص من يتكلم باسمهم ويوصل صوتهم لنظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. هذا النظام الدولي المهني الذي ننتظر منه أن يأخذ العبر والدروس مما وقع لضحايا الانتهاكات الجسمية على أقل تقدير في جوار السودان مثل ليبيا وتشاد وأفريقيا والوسطى وإثيوبيا ومصر وجنوب السودان وإريتريا. نأمل أن تمثل هذه الزيارة فاتحة خير لكل السودانيين الذين ينتظرون أن يعبر المبعوث عن معاناتهم وأن يسعى لدعم الدولة السودانية التي تعاني من جرائم المرتزقة الذين يتقاطرون من كل حدب وصوب لقتل الأبرياء وتهجيرهم قسريا من منازلهم واغتصاب الحرائر. بل أن يتحرك بقوة تجاه الدول التي تدعم وتؤجج الصراع عبر مد المتمردين بالسلاح والدعم الإعلامي، ونرجو منه كذلك أن يدعم إنشاء آلية وطنية تضمن الحوار الشامل الذي لا يقصي أحدا، وأن يلتقي في الولايات الآمنة بالنازحين الفارين من مناطق القتال ليسمع منهم. سيدي نصير لقد عملتُ في مجال حقوق الإنسان لأكثر من عشرين عاما، منها ثمانية أعوام في السودان عرفتُ فيها عن قرب الأدوار الإيجابية للآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان وأوجه القصور التي ينبغي أن يسعى الخبراء لمعالجتها خاصة في السودان وجواره، هذه المنطقة التي ظلت تعاني من النزاعات المسلحة غير الدولية التي يجب أن تجد منكم التحليل الفاحص والدقيق لجذورها، قبل أن تسهموا في كتابة تقاريركم بعد لقاءات تتجاوز في معظم الأحيان أصحاب المصلحة الحقيقيين. وهو ما يؤدي إلى شيوع وصف ازدواجية المعايير وتسييس حقوق الإنسان بنظام هو الذي ينبغي أن يكون المآل الأخير للضعفاء في بلادي والبلدان المحيطة بها والمنطقة عامة. ولعلك تتفق معي بأن من يعملون مع الأمم المتحدة في هذا المجال يجب أن يطبقوا قولا وفعلا أنهم خبراء مهنيون على مستوى عال من الكفاءة والدراية بمعايير حقوق الإنسان وأنهم لا يمثلون أنفسهم ولا بلدانهم عند قيامهم بمهامهم. وقد ظللتُ سنوات طويلة أُنادي بضرورة أن تتنبه الأمم المتحدة عند تعيين المستشارين والخبراء والموظفين المحليين إلى حساسيات الشعب السوداني وتصنيفاته السياسية التي تؤثر على قيام المنظمة بدورها في تحقيق قيم ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والسلم والحرية والعدالة. نحن لا نريد أن تنتهي ولايتك كما انتهت ولايات العشرات من الخبراء قبلك، القادمين من أفريقيا وأوروبا دون أن يتركوا بصمة حسنة على أرض الواقع. ونحن لا نريد أن يستمر التشكيك في فعالية آليات حقوق الإنسان وحياديتها وأهميتها في العمل على مستوى الميدان بسبب استغلال موظف أو مستشار أو خبير لانتماءاته الضيقة في حصر نشاط المنظمة الدولية ولقاءاتها وتقاريرها في اتجاه مع أو ضد أي فئة. ونحن نعلم أن مبادئ حقوق الإنسان يتصدرها مبدأ عدم التمييز والمساواة، وتتضمن المشاركة الواسعة، والمساءلة، وأنها عالمية، وأن حقوق الإنسان مترابطة لا تقبل التجزئة أو التنازل. لذلك نرجو أن تتنبه دائما خلال زياراتك ولقاءاتك في التعليقات والمعلومات التي تتلقاها، لتقوم بتحليلها ولا بأس أن تنشر أسماء من التقيتهم من أعضاء المجتمع المدني أحزابا ومنظمات غير حكومية حتى يتحمل الجميع مسؤولية ما يرد من اقتباسات في التقارير الدولية.