10 سبتمبر 2025

تسجيل

عشاق المقتول في دير العاقول (2)

08 يوليو 2020

في الحياة هناك لحظات تبتسم لك الحياة، أسعدني الحظ بأنني قد مارست أبوتي خارج نطاق الاسرة على عدد من المبدعين الشباب، واصبحوا حقا يمثلون جيلاً آخر، ارتبطوا بالثقافة والفكر – وتحولنا إلى لحمة واحدة، ابرز هؤلاء الشاعر الرقيق محمد علي المرزوقي والباحث والاديب والشاعر علي عبدالله الانصاري والكاتب والمخرج احمد مفتاح. بجانب عدد آخر من الأبناء في مجال المسرح منهم فهد الباكر، علي الخلف، علي ميرزا، وهذا الأمر أسعدني كثيراً، وارتمى في احضان القراءة وبشغف المبدعين الكبار كل من محمد علي المرزوقي والاديب علي الانصاري. كل هذا مبعث سروري – خاصة اذا ارتبط الأمر بالشعراء، كما فعل علي الانصاري، وهو يستحضر كل الشعراء عبر كل العصور والمناسبة التي ترنم بها الشاعر حباً، مدحاً، رثاء، وصفاً... الخ، أما الآخر المرزوقي، فهو المتيم بأبي الطيب المتنبي وكيف لا وهذا الشاعر الذي سبق الجميع في سحر البيان؟، وعندما نتهاتف أو نلتقي لابد من ثالث لنا يحاورنا، وهل هناك سواه "أبي الطيب"، وقد سجل حضوره عبر ما اصبح الكل يحفظه عن ظهر قلب؟ انه المتنبي في حكمه وبلاغته، في فرحه ويأسه، في مديحه وهجائه، في صراعه مع حساده عبر كل مجلس. وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل أبو الطيب في كل مواجهاته مع أعدائه كان يملك سيفاً بتاراً يتمثل في لسانه وقدرته على ادارة الموقف لصالحه، ويملك القدرة على أن يقلب الموقف على الآخر. سواء في اطار المواجهة المباشرة أو يحمل المعنى في مواجهة الشعراء، لا يهم من يكون. وما الدهر إلا من رواة قصائدي إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا وفي مواجهة حساده عند الامراء كما حدث في موقف من مئات المواقف عند سيف الدولة، مع ان بعض التيارات قد ساقت عشرات الادلة حول معتقداته؟ على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم أبو الطيب وجد في رحلة الحياة كل ما يتمناه الشعراء عند سيف الدولة، ولكن هذا المريض بالقلق لا يستطيع المكوث في مكان واحد، وقد لا يكون طلبه ان يحكم امارة الا تبريراً للهروب والتجوال حتى لقي حتفه وإلا ماذا نقول في ترنيماته في سيف الدولة. ولعل حقاً قد عشق شقيقه سيف الدولة؟ ها هو يقول: ما لي أكتم حباً قد برى جسدي وتدعي حب سيف الدولة الأمم هل في هذا البيت توريد؟ كل شيء جائز. ولكن هل سيترنم بكل هذا هباءً؟ سيعلم الجمع من ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم الأعزاء.. محمد علي المرزوقي، علي عبدالله الانصاري، هل تشمران عن ساعد الجد وتقدمان معاً مسرحية تعيد ذاكرة أبي الطيب الى الأذهان؟ لا يهم شعراً أو نثراً فأنتما تملكان ثروة من البلاغة والثقافة وكنزا من المعرفة في الكتابة الدرامية، وتؤكدان مقولته. أنام ملء عيوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم مجرد أمنية أن تستحضرا أعظم شعراء كل العصور، وبعيداً - أقول مرة أخرى - عن معتقداته!.