19 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر.. الصمود وفن إدارة الأزمة

08 يوليو 2017

بعد عدة أسابيع من الحصار والمحاولات الحثيثة لانتهاك سيادة قطر بدا واضحا أن صمود الدوحة البديع أخذ يفُتّ في عضُد المتحالفين الأربعة على الإثم والعدوان. وفي ذات الوقت أجبرت مثابرة الدبلوماسية القطرية المتفرجين على اتخاذ مواقف إيجابية تجاه الأزمة، بعد التلويح بالعمل العسكري والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور عبر وزراء التحالف، في بيان مرتبك أصدروه عقب اجتماعهم بالقاهرة لمناقشة الرد القطري على مطالبهم التعجيزية عن أملهم في أن "تسود الحكمة". فيما أكد وزير الخارجية السعودي أن "هناك إجراءات أخرى ستتخذ ولكن في الوقت المناسب ووفقا للقانون الدولي". قطر بالطبع ترحب بكل ما هو متوافق مع القانون الدولي فهذا مرتقى خبرته قطر وذاع صيتها من خلاله. وفي سياق التراجع الملحوظ قال سفير الإمارات العربية المتحدة لدى واشنطن: "لا يوجد على الإطلاق جانب عسكري لأي شيء نفعله"، وأشار إلى أنه من الممكن فرض المزيد من الضغوط الاقتصادية عليها.دوليا قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الحصار البري والبحري والجوي على قطر يعرقل قدرة الولايات المتحدة على التخطيط لعملياتها في المنطقة، وهي إشارة مهمة لرفض الحصار إذ يهدد الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة. ألمانيا كان موقفها أكثر وضوحا وجاء دون مواربة، ونذكر كيف ذكرت المستشارة أنجيلا ميركل دول الحصار أن حصارها لقطر جاء في شهر رمضان، أما وزير خارجيتها زيغمار غابرييل فقد وصف الحصار بأنه "فظاظة شديدة بين دول متجاورة ومتحالفة". وأكد في سياق متصل أن الحصار يضر بالاقتصاد الألماني لوجود شركات ألمانية ناشطة في قطر مما يشير إلى أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء كل ما يضر مصالحها الاقتصادية. ألمانيا التي تستضيف قمة العشرين هذا الشهر وهي قمة تعنى بمكافحة الإرهاب قالت إن الأزمة الماثلة تعتبر فرصة ليشارك الجميع في مكافحة دعم الإرهاب، فقطر شريك في هذه المهمة وليست متهما كما تحاول دول التحالف تسويق فرية دعم الإرهاب. وطالب مصدر في البيت الأبيض الأمريكي جميع الدول بأن "تبذل جهودا أكبر لقطع تمويل الجماعات الإرهابية ونبذ الفكر المتطرف".مشكلة دول التحالف الرئيسية أن قطر تحولت منذ ما يقارب العقدين من الزمان من مربع الكمون والسكون الذي يميز سائر دول الخليج إلى مربع النفوذ والتأثير، ونلحظ ذلك من قول المستشارة الألمانية ميركل: "علينا أن ندرك أن الحل السياسي لصراعات، مثل الوضع في سوريا والوضع في ليبيا أو في العراق، لن يحدث إذا لم يتم ضم أطراف معينة في المحادثات، وهذا يشمل قطر وتركيا وإيران". وعلى سبيل المثال لا الحصر كانت قطر سببا في حل الأزمة اللبنانية في 2007 وعملت على إطلاق سراح الممرضات البلغاريات من ليبيا في 2007 وأيضا توقيع اتفاقية سلام دارفور في 2011. الأزمة نشأت سافرة متبرجة عند سعي الأطراف المتحالفة إلى تغيير التوازن الإستراتيجي القائم في المنطقة لصالحهم، الأمر الذي شكّل تهديدًا جوهريًا لقيم ومصالح وأهداف دولة قطر وحاولت هذه الأطراف اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية قبل أن تحبط قطر المخطط بصمودها وحسن إدارتها للأزمة.