12 سبتمبر 2025

تسجيل

خمس سنين في مدينة النبي الأمين (21)

08 يوليو 2015

سأحدثكم اليوم عن شيخ جليل وعلامة فاضل من أعلام مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم أكرمني الله بالأخذ عنه في الحرم النبوي الشريف وهو العلامة الفقيه الواعظ الشيخ محمد المختار بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله ونفع بعلمه آمين .وقد رأيت من الشيخ ما لم أره في غيره في الجمع بين العلم و التربية و الوعظ فحينما أعلن بداية درس له في كتابي عمدة الفقه و عمدة الحديث سارعت مع الشيخ عبدالعزيز للحضور ، و حينما وصلنا رأيت حضورا مكتظا من الطلبة لم أر مثله في الحرم سوى الحضور الذي عند شيخنا محدث المدينة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد حفظه الله و أمد في عمره ومن الغريب أن طلبة الشيخ العباد فيهم من هو في المستوى الأول في الجامعة و فيهم الدكاترة و ذلك لغزارة علمه و قوة حفظه و ثانيا للتربية التي تجعل من تلميذه في المستقبل عالمآ ربانيآ بإذن الله. و لعل أدب الشيخ ووقاره وإجلاله للعلم انعكس على طلابه فقد كانوا يطيلون كرسي الشيخ بأن يضعوا عليه سجادة معطرة، كما أذكر أنه في أول درس حينما وصل الشيخ وأذن للطالب بأن يقرأ فقال الطالب، بعد حمد الله و الصلاة على النبي عليه أكمل الصلاة والسلام ، قال ابن قدامة رحمه الله، فقال الشيخ و هل ابن قدامة يدرس في كلية الشريعة أو نحوه فأعاد الطالب الدرس و قال: قال الشيخ الإمام ابن قدامة رحمه الله و هذه اللفتة قل من ينتبه لها من الأستاذة وهيأن إجلال أهلم العلم أحياء و أمواتا من حقهم علينا وقد قال تعالى ((قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون )) و حينما سأل فضيلته عن قول البعض: أليسوا هم بشرا؟! فقال: هم بشر و لكن هل هم كالبشر واستشهد بهذه الآية الشريفة.ودرس الشيخ يجمع بين التأصيل و التربية فكان يتوقف عند الفوائد التربوية كما الفوائد العلمية من الأدلة، فعندما شرع في شرح حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عثمان رضي الله عنه قال الشيخ : ما استحقر سيدنا عثمان السؤال، بل طلب الدلو ليعلمه خير الأمة و الصحابة و التابعين، وقال: يبنغي على طلبة العلم أن يعلموا العامة و ينزلوا إلى مستواهم.ويعرف الشيخ بشدة بره والديه وإذا سأله أحدهم عن بر الوالدين بكى و لم يستطع أن يتمالك نفسه، وقد حضرنا عزاءه في والدته غفر لها وعزيناه في بيته و كان صابرآ محتسبآ.والشيخ مع ما يجمله من تواضع وزهد إلا أنه كان مجلا لمجلس العلم، يأتي إلى الدرس و كأنه في يوم عيد من لبس وطيب زكي الرائحة من دهن العود يخلطه مع دهن الورد برائحة تميزه و أذكر أن الشيخ مر بجواري فعرفته من رائحة طيبه فتبعته حتى صليت بجواره جزاه الله خيرا.