13 سبتمبر 2025

تسجيل

مكة (أم القرى) .. عبقرية المكان (1)

08 يوليو 2014

القرآن الكريم هو ذخيرة المؤمن في دنياه وآخرته وخير ما يعمل به المؤمن هو تدبر آياته وتفهم معانيها وتأمل ما جاء بها. وهذه المقالة توضح تفسير الآية الكريمة: "لتنذر أم القرى ومن حولها"، ولماذا خصها الحق تعالى بهذا الموقع العبقري دون الأمكنة الأخرى؟ إن وسطية مكة لعبت أدواراً ممتازة على مر التاريخ الإنساني منذ عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وازدادت أهمية دور الموقع في تأمين سير الدعوة الإسلامية الوليدة وما تلاها من الفتوحات الإسلامية، وانتشار عقيدة التوحيد، فأبسط أمور العقل تدعو للتساؤل.. كيف يناقش المرء وينذر جماعة من الناس إذا لم يكن في وسطهم وهم جميعاً حوله، فمكة (أم القرى) هي بمثابة القلب لجسم الكرة الأرضية، فاختيار الله تعالى لموقع مكة اختيار حكيم، لطائفة من العوامل، منها: 1. وسطيتها لأرض العرب2. وسطيتها بين اليابس شمالاً وجنوباً3. وسطيتها بين جبال وهضاب صحراء الجزيرة العربية4. وسطيتها بين الإقليمية، وأعني كونها محطة تجارية هامة أخذت أهميتها من البيت العتيق والكعبة المشرفة، وبئر زمزم.. إلخ5. وسطيتها الدولية6. وسطيتها بين القبائل العربية الثمانية والعشرين (14 شمالها و14 جنوبها)7. وسطيتها بين العقائد المختلفة8. وسطيتها بين الشعوب والقوى العظمى زمن النبي صلى الله عليه وسلم9. علاقة وسطيتها بعلاج أمراض العصر. على أي حال كان اختيار أحكم الحاكمين موقع مكة وما حولها دلالة علمية نوضحها في السطور التالية. فأم القرى مكة المكرمة، المكرمة ببيت الله العتيق فيها، وقد اختار الله أن تكون هي (وما حولها من القرى) موضع هذه الرسالة الأخيرة، وأنزل القرآن بلغتها العربية لأمر يعلمه ويريده.وحين نتأمل اليوم من وراء الحوادث واستقرائها ومن وراء الظروف ومقتضياتها، وبعدما صارت هذه الدعوة في الخط الذي سارت فيه وأنتجت فيه نتاجها.. حين ننظر اليوم هذه النظرة ندرك طرفاً من حكمة الله في اختيار هذه البقعة من الأرض في ذلك الوقت من الزمان، لتكون مقر الرسالة الأخيرة، التي جاءت للبشرية جميعاً، والتي تتضح عالميتها منذ أيامها الأولى. كانت الأرض المعمورة - عند ظهور هذه الرسالة الأخيرة – تكاد تقتسمها أربع إمبراطوريات: الرومانية في أوروبا وطرف من آسيا وإفريقيا. والفارسية تمد سلطانها على قسم كبير من آسيا وإفريقيا، والهندية ثم الصينية. وتكاد أن تكونا مغلقتين على أنفسهما ومعزولتين بعقائدهما واتصالاتهما السياسية وغيرها، وهذه العزلة كانت تجعل الإمبراطوريتين الأوليين هما ذواتا الأثر الحقيقي في حياة الإنسانية وتطوراتها.