13 سبتمبر 2025

تسجيل

فقد الحياء سبب لما نعانيه

08 يوليو 2014

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: إنا نستحي يا رسول الله قال: ليس ذلكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء) أخرجه الترمذي. وهذه الموعظة منه صلى الله عليه وسلم تستوعب كثيراً من آداب الإسلام ومناهج الفضيلة فإن على المسلم أن ينزه سمعه وبصره ولسانه من كل ما حرم الله وأن يفطم بطنه من أكل الحرام، كما عليه أن لا تستخفه الدنيا بمتعتها الزائلة فيصرف وقته كله في اللهاث خلفها فيكتب من الغافلين، فإن فعل ذلك كله عن شعور بأن الله يراقبه مطلع عليه فقد استحيا من الله حق الحياء. إن ما تعانيه اليوم المجتمعات من المحن وتتابع الفتن واستباحة المحرمات ومعانقة الرذيلة، ما ذاك إلا بسبب فقد الحياء من الله. فهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالصحة والمال والأولاد والحياة الرغيدة ثم هو لا يعرف لله قدراً بأن يشكر نعمته عليه بإقامة الصلاة وإخراج الزكاة، فيدعوه داعي الفلاح في اليوم خمس مرات ثم هو لا يستحي فيجيب دعوة صاحب الفضل عليه، وهو الله سبحانه وتعالى، وهل استحيا من الله حق الحياء رجال ونساء يجاهرون بمعصية الله ليل نهار في الطرقات وفي مجامع الناس والحفلات والأفراح، فيقابلون نعم الله بمعصيته فلا حياء منه سبحانه ولا حياء من خلقه.وهل استحيا من الله حق الحياء نساء لا رقيب عليهن من الرجال العقلاء، دفقن ماء الحياء من وجوههن يتسكعن في الأسواق والطرقات، يخالطن الرجال بحجاب مخرق يكشف أكثر مما يستر، متطيبات متبخترات يغرين ضعاف النفوس وعديمي الحياء والمروءة، فكم قتلن من فضيلة وكم هتكن من ستر، وكلٌ مسؤول عن رعيته. وهل استحيا من الله حق الحياء من يأكل أموال الضعفة من المسلمين من اليتامى والعمال مع إنعام الله عليه بكثرة الأموال أو ذاك الذي يستدين الأموال ثم هو يماطل في ردها مع قدرته على ذلك فينكر الجميل ويتعرض لسخط الله.وهل استحيا من الله حق الحياء من يعامل الناس والأصحاب بمكارم الأخلاق ثم هو يبخل بها على والديه وزوجته وأولاده، فلا يجدون منه إلا الفظاظة والغلظة والبخل. وهل استحيا من الله حق الحياء من أنعم الله عليه بالمال الكثير ينفقه يميناً وشمالاً في شهواته ثم هو حين يدعى للإنفاق في سبيل الله يبخل فإنما يبخل على نفسه.وهل استحيا من الله حق الحياء ذاك الذي شغف بالأغاني الماجنة يزعج الناس في طرقاتهم ومنازلهم أو ذاك المدخن الذي يدخن في مجامع الناس ينفث الدخان في وجوههم أو ذاك الذي ضيع أبناءه بلا تربية ولا خلق، يسيحون في الأرض يؤذون المسلمين، فإذا نصح أو نبه قابلك بالإساءة والتأفف. إن الذي حمل هؤلاء وغيرهم على النزول إلى هذه المستويات الهابطة من الأخلاق هو ذهاب الحياء وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).