11 سبتمبر 2025

تسجيل

الخليفتان : البغدادي وبشار متى يتصافحان ؟!!

08 يوليو 2014

في يوم الجمعة الماضي كشف ( الخليفة المنتظر!! ) اللثام عن وجهه، وتحدث في أول خطبة جمعة له في مسجد الموصل الكبير عن برنامجه في إدارة الحكم، وكما قال فإن برنامجه يخالف برامج الحكام الآخرين فهو يقوم أولا وأخيرا على الجهاد، فكأنه يقول لأتباعه : كلوا من كسب أيديكم!! وما دام الخليفة الجديد كما قال الناطق باسمه يكفر كل مخالفيه وذكر منهم: الإخوان المسلمين والسروريين والديمقراطيين والصوفية والشيعة، وكل من لم يبايع الدولة الإسلامية - وربما آخرين - هذا فضلا عن اليهود والأمريكان فإن أتباعه الكرام سيجدون غنائم كثيرة جدا فكل شيئ متاح أمامهم، وأتوقع بناء على فقههم أن مال المخالف وأهله مباح لهم وربما نرى عودة لأسواق الجواري والعبيد بعدما رأينا عودة الجزية على النصارى مقابل حمايتهم!! وطبعا حمايتهم هنا من جنود الدولة لأنه لا أحد يفكر في غزوهم غير دولة الخلافة الموقرة!!إذن الجهاد هو الفعل الذي يجب أن يقوم به أتباع الدولة ولكن الخليفة لم يقل في كلمته التي حاول فيها تقليد كلمة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عندما بويع خليفة للمسلمين - مع الفارق بين الاثنين في الفعل - أين سيجاهد أتباعه ومن هم الفئات المستهدفة في ذلك الجهاد؟!!الواقع يقول : إن هذا ( الخليفة!! ) فرض نفسه على الآخرين بالقوة، وأنه عمل من أجل ذلك طويلا - مثل السيسي في مصر -، والواقع أيضا يقول أنه خرج على إمامه (الظواهري) ثم طالبه بمبايعته، وربما سيطبق عليه ماقاله الناطق باسمه مخاطبا جميع المسلمين : ( وننبه المسلمين جميعا إنه بإعلان الخليفة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة الخليفة إبراهيم، وأنه صار إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان ) ثم قال : ( ومن أراد شق الصف فافلقوا رأسه بالرصاص وأخرجوا ما فيه كائنا من كان ولا كرامة )!! وللمعلومية فإن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لم يفعل ذلك مع الخوارج وهم قاتلوه طويلا فعندما سئل : أكفار هم؟ قال : من الكفر فروا، هم إخواننا بغوا علينا!! ولم يطلب من أتباعه فلق رؤوسهم أو قطع حناجرهم بالسكاكين!!، والواقع يقول أيضا : أن علماء المسلمين في العراق بينوا زيف هذه الدولة وخطرها على ثورة السنة في العراق، ومن هؤلاء الشيخ رافع الرفاعي مفتي العراق الذي قال : ( أما داعش فهي تسيء للثورة وتضفي عليها طابع الإرهاب وتهيئ لقصف الثوار )، وأكد المفتي أن هذه الدولة هي صنيعة المالكي وايران بهدف إجهاض الثورة!! كما أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أعلن في بيان له بطلان إعلان الخلافة الإسلامية، وبالمثل أكد عدد من علماء المسلمين بطلان خلافة البغدادي وحذرت من التعامل معها باعتبارها فرقة من الخوارج وأن هدفها قتال المجاهدين.وإذا ابتعدنا عن الجانب الشرعي من دولة البغدادي فإن الجانب الأخطر في تاريخ البغدادي وتاريخ دولته أن هذا التاريخ كله يصب في اتجاه مقاومة حركات الثوار سواء في العراق أم في سوريا على حد سواء إذ لم يعرف هذا التيار إلا باستهداف المجاهدين والدلائل على ذلك متعددة. فمن ذلك أن تيار البغدادي بقي في العراق فترة طويلة يدعي قتال المالكي ولم يفكر مرة واحدة الاتجاه نحو سوريا ومقاومة الأسد وحماية السنة منه!! فلما رأى أولئك القادة ثورة الشعب السوري وبداية نجاحاتها واقتراب كثير من دول العالم لمساعدة الثوار سارعوا بترك مواقعهم في العراق متجهين إلى سوريا فما الجديد الذي دفعهم الى ذلك الصنيع المفاجئ؟!! ومن المعروف أن تدخلهم منح الأسد طوق النجاة وجعله يرفع شعار محاربة الإرهاب كما جعل كثيرا ممن كانوا ينوون مساعدة الثوار التوقف عن مساعدتهم كي لاتصل تلك المساعدات لاتباع البغدادي أو سواه بحب ادعاءاتهم!! وهذا كما نعلم أضعف المقاومة الحقة كثيرا وجعل قادة الجيش الحر يعلنون صراحة أنهم قد يتوقفون عن المقاومة إذا لم يأتهم إمدادات كافية!! ومن المعروف أيضا أن كل جهاد البغدادي وأتباعه كان موجها ضد الثوار ومن يقف معهم ولم يقاتلوا جيش الأسد مطلقا، وهذا ماجعل بعض قادة جيش الأسد يثني على مواقفهم ويؤكد أنهم قتلوا من الثوار أضعاف ما قتله جيش الأسد منهم!! الظواهري - والمفترض أنه قائدهم - أمرهم بالخروج من الشام والاتجاه إلى دمشق فرفضوا ذلك بل وخلعوا بيعته، والسؤال : مالذي جعلهم يتركون معظم الشام ويعودون فورا إلى العراق؟ ليس هناك من إجابة إلا أن التعليمات جاءتهم للاتجاه هناك لإفساد الثورة العراقية على غرار ما فعلوا في العراق!! نفذ البغدادي الأوامر ورأينا الآثار السلبية الكبيرة على ثورة العراقيين خاصة بعد إعلان تلك الدولة البائسة!! اتجه العالم للحديث عن هذه الدولة وإرهابها وأهمية مقاومتها!! وليس بعيدا أن تسمح أمريكا لإيران بالتدخل العسكري المباشر في العراق وقد تساعدها بالسلاح وسواه، ولأن المالكي هو من سيقاوم الإرهاب فسيحظى بالدعم القوي أيضا!! ولأن خلافة البغدادي تهدد دول الخليج فإن هذه الدول مدعوة لحماية شعبها، ومن هذه الحماية المساهمة في محاربة إرهاب الدولة!! وهكذا نجد أن دولة البغدادي أعطت كل الذرائع لإجهاض الثورة العراقية وعودة القوة للمالكي وإيران للتحكم في مصير السنة في العراق ومن وسائل التمكين لدولة البغدادي تسهيل حصولهم على المال والسلاح وبكميات كبيرة ليسهل عليهم شراء ذمم البعض وكذلك إغراء البعض الآخر بالمال للانضمام لهم خاصة في أجواء الفقر والجوع والتشريد الذي يقع على السنة - غالبا - للشعبين السوري والعراقي.دولة البغدادي أدت بنجاح ما طلب منها فعله : فقد كانت حملا ثقيلا على الثوار في العراق وسوريا، كما أنها قامت نيابة عن الأسد في قتال الثوار وهو ما تحاول فعله في العراق حاليا!! بشار الأسد يعيش هذه الأيام أحلى أيامه بفضل البغدادي ودولته، وهاهو بدأ يحقق بعض الانتصارات هنا وهناك، كما ويتحدث عن أن الحسم بدأ يقترب منه كثيرا!! وفي الجانب الآخر فقد استطاعت دولة البغدادي إعطاء طابع الإرهاب للمقاومين في سوريا وأيضا في العراق وهذا حتما يسعد الأسد كما المالكي وإيران أيضا! البغدادي والأسد متفقان تماما على الأهداف ولكن تختلف الوسائل بينهما فكل يعمل بطريقة خاصة للوصول إلى الهدف المنشود!! ولا أود إغفال الدور المتخاذل لكثير من الدول العربية التي سكتت عما يجري في سوريا حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه الآن : ضعف كبير للمقاومة وتهديد لأمن بعض الدول المحيطة بسوريا وعليهم الآن فعل ما يجب عليهم فعله قبل استفحال الأمر أكثر مما هو عليه حاليا!! البغدادي وبشار يعملان يدا واحدة ولا أستبعد أن تتصافح تلك الأيادي بعد نجاح أهدافهما!!.