13 سبتمبر 2025

تسجيل

علم التراجم وممارساته في قطر

08 يوليو 2013

اهتم المسلمون بعلم التراجم اهتماماً كبيراً، وقد بدأت العناية بهذا العلم عندهم بعد عهد الرسول محمد بن عبدالله بزمن يسير، حيث حرص العلماء على حماية وصيانة المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، وهو الحديث النبوي، وقد حرصوا على صيانته من الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس. فنشأ هذا العلم كقاعدة في تلقّي الأخبار عن الناس وبالأخص فيما يتعلق بالحديث النبوي أولاً، ومن ثم الآثار المروية عن الصحابة والتابعين، وباقي طبقات العلماء خصوصاً، والناس عموماً. ويهتم علم التراجم بذكر حياتهم الشخصية، ومواقفهم، وأثرهم في الحياة وتأثيرهم. ويعتبر علم التراجم عموماً فرعاً من فروع علم التاريخ. وتفرّع هذا العلم وانبثق عنه علوم كثيرة متعلّقة بهذا الباب؛ منها علم الإسناد، وهو علم تفرّدت به الأمة الإسلامية عن باقي الأمم، وعلم مصطلح الحديث، وعلم الرجال من ناحية العدالة والتوثيق والضبط، وعلم العلل، وعلم الجرح والتعديل وغيرها. وحينما نتحدث عن ممارسة علم التراجم، وتوثيق سير الشخصيات القطرية، نجد أن دولة قطر اهتمت بهذه الممارسة، وخرج في الساحة القطرية العديد من القطريين البارزين في مجال علم التوثيق، ومن أبرزهم المؤرخ الشيخ سعود بن محمد آل عبد الرحمن آل ثاني، صاحب كتاب "أعلام من قطر"، وهو الكتاب الذي يلقي الضوء على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ قطر، شهدت أحداثاً وصراعات محلية وإقليمية ودولية، كما شهدت بطولات سطرتها أيدٍ كريمة لرجال يتسمون بالصلابة والشجاعة، أعطوا المثل في الحنكة والدهاء، أثناء مواجهتهم لأصعب التحديات، وعلى رأس هؤلاء الرجال الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني مؤسس دولة قطر، الذي حذا حذوه أبناؤه وأحفاده، إلى أن حمل اللواء في العصر الحديث حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه. كذلك، هناك جهود متميزة لمركز شباب برزان، ومن خلال مسابقتهم الرائعة، "أعلام من قطر"، والتي اجتذبت العديد من الباحثين والمهتمين بعلم التراجم من داخل وخارج قطر.. إن مسابقة أعلام من قطر أثْرَت الحياة الثقافية في البلاد، كما أسهمت في رَفد المكتبة القطرية والعربية والإسلامية ببحوث قيمة عن شخصيات قطرية، ورجالاتها، ممن أسهموا في نهضتها وبنائها. وبهذه المناسبة، فإنني أدعو وزارة الثقافة والفنون والتراث، ومؤسساتها المتخصصة، وبالتعاون مع جامعة قطر، إلى تبني مشروع وطني، يؤرخ للشخصيات القطرية التي أعطت الكثير لهذا الوطن، وأسهمت في نهضته، ليكون بعد ذلك أرشيفاً وطنياً توثيقياً، يمكن الاستناد إليه، للتأريخ لدولة قطر وشعبها الكريم.