12 سبتمبر 2025
تسجيلما كنت أدري أن الحزن على وطن يتشظى، ويتكسر، ويقتل أولاده بعضهم بعضا، يمكن أن يكون حاراً إلى هذا الحد، حالة أكبر من الحزن، وبكاء لا يشبهه بكاء، ووجع من نوع خاص يشبه السكين وهي تجز اللحم الحي فتقول بأقوى ما فيك آه.. خليط من الألم، والأسى، وعدم التصديق لمشهد عبثي تعلو فيه على الفضائيات وفي المانشيتات نبرة نفاق غريبة، نفس الوجوه تلونت مادحو الأمس قادحو اليوم، الراضون أمس حانقون اليوم، الشرطة المصرية الآن لا تنام كلها مستعدة للموت من أجل مصر! (سؤال سخيف) لماذا نامت طوال عام مضى من حكم مرسي؟ ولماذا لم تكن بكل هذا الفداء والناس تقتل كل يوم والبلطجية تخطف، وتسرق، وتحرق، وتغتصب، وتدمر المؤسسات، وتقطع الطرق، وتحول ليل الناس ونهارهم إلى جحيم؟ تناقضات غريبة واختلافات مريبة تحجز العقل عن الفهم وتضرب رؤوسنا بالحائط، هذا مستشار يطالب صارخاً بمحاكم ثورية حتى يعود الأمن والأمان! (سؤال سخيف) ألم يطالب ثوار 25 يناير بنفس المطلب حتى بحت أصواتهم؟ لماذا لم يستجب لطلبهم؟ ثم ماذا يعني أن يعود النائب العام (عبدالمجيد) إلى موقعه وقد كان أهم مطالب شباب الثورة (إقالة النائب العام) الذي نعتوه بفساد للركب واتهموه بإخفاء ملفات الفساد والتحيز للمخلوع؟ كيف أصبح فاسد الأمس صاحب حق يرد له اعتباره اليوم؟ ثم ألم يكن الجيش الذي يحمل اليوم على الأعناق هو من هتف الثوار ضده يسقط حكم العسكر؟ ألم يكن البرادعي المنعوت بالخائن صاحب الأجندة الأمريكية هو نفسه الذي اختاره الثوار الآن متحدثاً عنهم، بل ارتفعت أسهمه ليشاع أنه يمكن أن يكون رئيس وزراء مصر؟ (يادي المصيبة) رئيس وزراء مصر مرة واحدة!! ونسمع عن القبض على من أساءوا على حد قولهم لرموز اليوم لمحاسبتهم! ألم ينتبه المطالبون بالحساب أن رئيس مصر ظل عاماً يشتم، ويسب، ويُحقر، ويُقزم، ويُقذف علناً ولم يحرك أحد سكاناً ولم نسمع عن أي رد اعتبار لرجل يمثل رمز مصر؟ بل وصل الأمر إلى منع د. محمد مرسي من السفر ومجموعة من الإخوان ورجال الأحزاب السياسية الإسلامية في قضية إهانة القضاة! أحدهم يقول لا خصومة لنا مع الإخوان ولن نصفي الحسابات معهم! يظهر هذا واضحاً في حجم الاعتقالات وكشوف الضبط والإحضار!! نسمع عن حرية التعبير التي لن تمس ونرى إغلاق القنوات الدينية والقبض على مقدمي برامجها دون أن نعرف شيئاً عن قانونية الإغلاق والقبض! يخرج من يقول لنا أن الإغلاق والقبض تما لحماية الأمن القومي وضماناً للسكينة والسلم الاجتماعي! (سؤال سخيف) أين كان هذا المطلب طوال عام كامل والقنوات المسعورة لا شغل لها إلا التحريض وضرب السلم الاجتماعي وتهييج الرأي العام وتوجيهه للعصيان وضرب النظام دون هوادة؟ بل إن البرادعي قال إنه عمل جاهداً مع دول كثيرة لضرورة عزل مرسي (الرئيس المنتخب) يا سلام على الديمقراطية التي يبشر بها؟ هل نقول إننا دخلنا في مسلسلات الانتقام، وتصفية الحسابات، والتشفي، والبغض، والكراهية، وإقصاء الآخر ولو بالدم؟ يجب أن يعترف الذين أقصوا الرئيس محمد مرسي بأنهم عملوا كما قال البرادعي منذ زمن لإقصائه بكل الممكن والمستحيل وباختلاق الأزمات وحرق دم الناس كل يوم بقضية حياتية مصيرية، نعم اتعبوا الناس (وبهدلوهم، ويأسوهم، ودوخوهم وزهقوهم في عيشتهم) حتى انضم المتعبون لموكب الرفض من غلبهم، لكن هم ليسوا بالتأكيد كل الشعب المصري، ومن العجيب أن نسمع أحدهم يقول إن الموجودين في (رابعة العدوية ونهضة مصر بلطجية من حماس وسوريون مرتزقة مقيمون في مصر) كل هذه الملايين من حماس وسوريا؟ واضح أننا دخلنا النفق الذي لا آخر له، ومع ذلك يؤكد البعض (خلاص هتبقي الدنيا بعد مرسي ربيع والجو بديع والشعب المصري كله حيقفل على كل المواضيع، لا مشاكل، ولا أزمات، خلاص ستعود الابتسامة المهاجرة إلى وجوه المصريين المتجهمة لأن الحياة لونها أصبح (بمبي) لا أزمة غاز، ولا سولار، ولا بنزين، والعيش أصبح أحلى من الكرواسون، أما على صعيد المحاكمات فلا أستبعد مع كل ما يصدمنا كل يوم من متناقضات مذهلة أن يعتذر المصريون للمخلوع بالدموع، بل لا أستبعد أن يخرج من سجنه محمولاً على الأعناق وحوله من يهتف (سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة) وليس ببعيد أبداً أن يقفز (جمال) ليحتل كرسي أبيه وسط مباركة الفلول، وأصحاب الفلول والمنتفعين، والمتربحين من نظام أفسد كل الحياة ولم يعاقب حتى الآن بما يستحق، وبقي سؤال (غير مهم أبداً) هل يمكن أن يستقر الآمن في مصر وقد أزيح رئيس منتخب مازال يؤيده ملايين المصريين؟ بكل تأكيد لا، واللي حضر العفريت يصرفه. • طبقات فوق الهمس • قال لو أردتم بناء مصر وتحقيق التوافق الوطني فلا إقصاء لأي فصيل، ونقول كيف يتحقق ذلك وقد تم إقصاء رأس الدولة؟ • مضطرة أسأل بعد ما تعب العقل ما يسمع ويرى لماذا لم تقدم (خريطة الطريق) للدكتور مرسي لمساعدته على قرارات أصوب، وأداء أسرع، وإنجاز أفضل إن كان في ذلك خلاص مصر من أزماتها؟ • الإخوان حموا الثورة باعترافات موثقة، فكيف يخرج مذيع ليقول اليوم إنهم خونة؟ متى يحترم الإعلام نفسه ويحترم عقول الناس؟ • وسط الصراع، والتقاتل والدم، أملنا كبير في القوات المسلحة المصرية التي بيدها وحدها سحب فتيل الأزمة، وحدها تعرف ماذا يمكن أن تفعل. •لا نملك إلا الدعاء أن يحفظ الله مصر.