18 سبتمبر 2025
تسجيلجهاد الخازن اسم صحفي عربي مخضرم كسب مراسه بين العديد من الصحف العربية وحافظ على مكانته في عالم الرأي وكتابة الأعمدة اليومية متسلحاً بخبرات طويلة وعلاقات واسعة مع رموز القرار وصناعه في أكثر من بلد عربي وغير عربي مما أكسبه مكانة تجعله مرجعاً أحياناً في فهم مفاصل اللعبة السياسية ومجراها في منطقة محمومة بالتفاعلات السياسية الساخنة دائماً والتجاذبات المستمرة بين الدول والساسة. وحيث تحدث الخازن في أحد مقالاته في صحيفة الحياة عقب وفاة سمو ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز منتصف الشهر الماضي في مقالة رثاء في سمو الأمير ضمنها معلومة ذات طابع استخباراتي محض ربما احتفظ بها الخازن طويلاً قبل الإدلاء بها صحفياً مرجحاً بقوة مضمونها الفكر الأمني الواسع الذي تمتع به سمو الأمير نايف في موقعه كوزير للداخلية السعودية فترة عقود زمنية طويلة وهي حسبما يقول نصاً في مقالته: " ومثل واحد يكفي تابعته مع الأمير وكتبتُ عنه، ولا أزال أحتفظ بنصوص جلساتنا معاً، هو انفجار الخُبر سنة 1996. الأمريكيون طلبوا أن يديروا التحقيق بأنفسهم ورفض الأمير نايف، وطلبوا المشاركة بالتحقيق ورفض الأمير أيضاً، وهو لم يسمح لهم بشيء في النهاية أكثر من أن يكتبوا أسئلة يوجهها المحققون السعوديون إلى المتهمين، فيما الأمريكيون يتابعون الموضوع من وراء مرآة باتجاهين. لا أعتقد أنني أكشف سراً إذا قلت إن الأمير نايف جمع ما يكفي من معلومات تدين «حزب الله» السعودي وإيران بانفجار الخُبر، إلا أنه بدل أن يسلّم الأدلة إلى الأمريكيين فيوجهون ضربة إلى إيران تطلق إرهاباً جديداً، هدد الإيرانيين بما عنده من معلومات، والنتيجة أنه عقد تفاهماً أمنياً معهم، فلم تقع منذ 1996 أي عملية إرهابية ضد هدف سعودي، داخل البلاد أو خارجها، مصدرها شيعي إيراني أو غيره. هذا الإنجاز حمى أرواح سعوديين كثيرين، وأنا شاهد مباشر عليه". انتهى ما كتبه الخازن في مقالة الحياة كشهادة تاريخية موثقة بالتسجيل حسب وصفه على حنكة سمو الأمير ومراسه الذي يسترعي فيه دائماً من واقع مسؤوليات منصبه أمن الوطن وسلامة أفراده طويلاً في معادلة صعبة تتنافر أطرافها كثيراً وفق أيديولوجيات معقدة وحسابات لا تفضي في حال الصد عن ضبط جوانبها سوى إلى مزيد من التوتر وربما الأحداث الصعبة وحصد الأرواح. وحيث قضى سمو الأمير إلى وجه ربه نظل نحن وإيران وكذلك الأمريكان نشكل حلقة متضادة في مكونها وأهداف كل طرف. وحقيقة تبدو مصداقية الاتفاق وفق ما يرويه الخازن ظاهرة في بعض جوانب العلاقة السعودية الإيرانية حيث استقبل سمو الأمير نايف رحمه الله رئيس الاستخبارات الإيراني العام الماضي ربما تجديداً للتوافق حول تلك الرؤية التي جنبت إيران حالة جادة من المواجهة مع الأمريكان كما حجمت شكل الاستعراض الإيراني ومشاغباته المستمرة قبل ذلك في مواسم الحج وهو ما يحسب للأمير نايف أيضاً في هذا الموقف حيث قدر رحمه الله مصالح الأمة إجمالاً وجنب عموم المنطقة ويلات حرب شرسة انتقاماً للجنود الأمريكان في حادثة الخبر. وجدير أن نُذكر الإخوة الإيرانيين الآن بذلك الموقف الذي يجب ألا ينسى من قبلهم مطلقاً. أيضاً الموقف يُخرس الألسنة المتكهنة حول الحادث ومسبباته وجُناته حين محاولة استمالة الرأي المحلي والعالمي حول الجناة في الحادث إذ طالما استخدموا كورقة للتأثير ضد المواقف السعودية بيد أن الواقع حسبما يشرحه الخازن ويؤكد على مصداقيته بالتسجيل أن السعودية عالجت الموقف بحكمة وإتقان سياسي استثمر في علاقاتها مع كلا الطرفين الإيراني والأمريكي كل حسب حضوره في شكل القضية. فرحم الله نايف إذ شكل درعاً للوطن في حياته ومماته.