16 سبتمبر 2025
تسجيلبينما نترقب انتخابات وآلية ترشيح الناخبين في مجلس الشورى. علينا أن نكون أكثر استعداداً نظرياً وعملياً في الوقت الراهن على التطلعات وقياس البرامج الانتخابية المقبلة. وإصراراً على تفادي الانحياز للوجاهة، علي أن أعزز من هذا الوعي من خلال إضفاء الجانب الآخر الذي لا يدركه المجتمع بالضرورة حول مدى مشاركته السياسية. والأمر جداً طبيعي أن تكون المشاركة السياسية في المجتمع محدودة، بحكم النظام القائم والسياسة الريعية التي تمنح الامتيازات والخدمات من دون ضرائب للشعب. ولكن، سيختلف الأمر الآن مع إضفاء أول مجلس منتخب، مما سيعطي إمكانية المساهمة في التشريع، إذ يعني ستكون مساهماً في المشاركة السياسية بطرق مختلفة. فحتى تدرك مكانتك في المشاركة السياسية، عليك أن تكون مدركاً أولاً بأن وجودك في مجلس منتخب لا يحتاج منك مجرد الادلاء بصوتك ومن ثم تفرغك لأمورك الحياتية. إنما المسؤولية تتطلب التعمق في القضايا، الشعور بالغيرة حول المواضيع التي تطالب بها وتشعر بأنها لصالح الشعب، الحماس والاجتهاد في البحث لكسب الثقة لما سيتم طرحه من قضايا، وأخرى من المهام والتكليفات التي ستعكس تأملات من هم حولك ومن قاموا بالتصويت لك، ليس لزيادة وجاهتك، إنما لإيمانهم بقدراتك التي بإمكانها أن تكون سبباً في الإصلاح والتغيير. إذ بات من المهم أن يعي المواطن الفروقات ما بين الوجاهة والسياسة. والأمر طبيعي جداً أن يكون المفهوم العام للوجاهة متداولاً أكثر بحكم ارتباطه بالعرف الاجتماعي وما يتبعه من انعكاس قبلي، عائلي وحتى نخبوي. ولكن الجانب الآخر لا صدى له بشكل كبير من الناحية العملية، وأعتقد بأنه حان الوقت المناسب أن تكون الرؤية أكثر اتساعاً للمجتمع لاتخاذ القرار الأنسب بناء على الفروقات ما بين الوجاهة، الكفاءة لغرض المشاركة السياسية. بالتالي اختصرنا هذا الجزء بالاستدلال على مكانتك السياسية التي لم تكن فاعلة في حياتك الاجتماعية وبشكل كبير، على قدر ما كانت مجرد طرحاً للمواضيع والنقاش عنها من دون أن يكون لك القرار في شرعيتها. إنما حان الوقت الآن أن تكون ذاك الجزء المساهم في التشريع، وحان الوقت أن تكون واعيا أكثر بالتوقعات التي يترقبها منك المجتمع في مشاركتك السياسية. نأتي الآن للجزء الآخر والذي بلا شك يعتبر مكملاً للوعي وتعزيز المفهوم حول المشاركة السياسية. فطالما دار الحديث مؤخراً عن إشكالية النصاب للمرأة في مجلس الشورى، فلا يزال عليه سؤال استفهام كبير. إلا اننا نود أن نبتعد عن هذا المسار السلبي والضبابي حول المشاركة السياسية للمرأة في مجلس الشورى. وعوضاً عن ذلك ينبغي علينا الاستمرارية في مسألة التوعية حول أهمية مجلس الشورى للمجتمع المحلي بشكل عام، والمشاركة السياسية بشكل خاص، بل ومشاركة المرأة السياسية بشكل أخص. من المهم أن نساهم ونهيئ النساء القطريات على آلية تمكينهن في المشاركة السياسية. فمن الحلول التمهيدية التي بإمكانها أن تساهم في تقوية مكانة المرأة وتهيئتها السياسية تكمن في دعم الحاجة التوعوية للمشاركة السياسية والتي تنطبق أيضاً على الرجل. لا شك أساساً من أهمية مشاركة المرأة السياسية مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الشورى، إذ تعتبر مشاركتها مهمة من عدة جوانب، تبرز أحدها للصالح النسائي ومساندتها القوانين والتشريعات التي تناصر المرأة وتدافع عن حقوقها قدر المستطاع. وعلى الرغم من أن التوجه النسائي لا يزال يفتقد الحضور السياسي، النقدي والإعلامي في المجتمع القطري، لا زلنا فئة محدودة التمثيل سياسياً، مما يعني بأن المرأة تحتاج الضغط أحياناً وكسب الثقة أحياناً أخرى من الرجل لدفعها نحو الأمام ومساندتها في قضاياها. فلا بد من الرجل أن يكون الداعم الرئيسي للمرأة وفهم تطلعاتها، كما تفهم المرأة قضايا الرجل التي تنعكس على المجتمع بأكمله ولا تنعكس عليه بشكل جندري منفرد كحال المرأة. وعلى الرغم من أن النساء كقوة ناعمة لهم الصوت الأعلى كأداة ضغط، إلا انني لازلت أؤمن بأن الانسان لا يكمل نفسه إلا إذا اكتمل مع طرفه الآخر. إذ حتى طرفه الآخر يلزم عليه أن يكون مهيأ أكثر اليوم للإلمام بالآلية السياسية وفهم قضايا المجتمع بما فيها النسائية بشكل أكثر تفصيلي، بل وأكثر إسهاماً للتغيير الإيجابي. وإلى أن يحين استيعاب الطرفين بأهمية مشاركتهم السياسية في مجلس الشورى أكثر من أهمية الوجاهة الاجتماعية، لا بد وأن تكون المشاركة السياسية والتوعية فيها عملية تأسيسية تصدر من مؤسسات الدولة والنخب الثقافية والفكرية لتهيئة المواطن أكثر. إذ يجب أن تتضمن الحملات التوعوية للمشاركة السياسية: التوعية، والشراكة والتدريب النوعي. ومن وجهة نظري أخصص الحديث والاهتمام في التدريب النوعي خلال هذه الفترة. فدعم الناخب أو المجتمع بشكل عام للانخراط في الأجواء الانتخابية في السنوات المقبلة، يعني تهيئته من حيث تنمية قدراته في المناظرات وتطوير الجوانب الفكرية التحليلية والنقاشية. بالإضافة إلى التنوع في الحلقات النقاشية على مستوى المجتمع التي تعمل على التمعن في القضايا المعاصرة والاشكاليات التي تعتبر محور حديث. وأخيراً، تكثيف الوعي عن الحقوق الدستورية من خلال استثمار الخبرات التراكمية لدى المرأة لبناء المعرفة وفهم الإطار الذي له صلة بالقضايا المعنية، سواء كانت قضايا المرأة أو قضايا المجتمع. أخيراً: لا بد وأن يكون الوعي السياسي غاية يسعى إليها الطرفان كعملية تسبق الانتخابات الرسمية. وهذا الاستعداد يأتي من عدة أطراف تساهم في رفع درجة الوعي والمعرفة السياسية. فالمسؤولية داخل مجلس الشورى لن تكون عاتقاً على الناخب فقط، إنما هي أيضاً مسؤوليتنا جميعاً في تهيئة الناخب الكفء كواجهة وطنية وليس كواجهة اجتماعية، فالفرق كبير بين الاثنين!. [email protected]