27 أكتوبر 2025
تسجيلإطالة أمد الحصار هدفه الإخلال بالتزامات مشاريع كأس العالم فشل الحملات الإعلامية لدول الحصار كذراع للحرب الاقتصادية كسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية سلاح يرت على مستخدمه لم يحقق الحصار المفروض على قطر أهدافه حتى الآن، بل أتى بنتائج عكسية فعوضاً عن أن يضعف الاقتصاد القطري هو يؤدي إلى تقويته، والمزيد من القوة يأتي مستقبلاً، وخسرت دول الحصار أخلاقياً قبل أن تخسر اقتصادياً.. إن أفضل ما يوصف به الحصار هو أنه جرعة تطعيم كانت ضرورية لإكساب الاقتصاد المناعة اللازمة وتقويته، وهكذا علمتنا تجارب الدول والتاريخ. أريد بالحصار الاقتصادي الضغط على قطر للرضوخ والتسليم لطلبات غير منطقية، تمس بالسيادة والكرامة، وتناول الجزء الثاني من مقال لماذا فشلت الحرب الاقتصادية على قطر؟ القطاع المالي والحرب الاقتصادية على قطر و السياسات المضادة التي اتبعتها قطر في الآجل القصير. وتاليا الجزء الأخير من المقال. الآثار السلبية يمكن حصر الآثار السلبية المرجوة والسيناريوهات المحتملة (نظرياً) من وراء الحرب الاقتصادية على قطر في التالي: • التأثيرات المباشرة: (1) ارتفاع أسعار فائدة الإقراض لقطر (2) ارتفاع قيم التأمينات على السندات السيادية القطرية (3) انخفاض التقييم الائتماني لقطر (4) صعوبة الاقتراض على قطر، (5) خروج رؤوس الأموال. • التأثيرات الأخرى: (1) الضغط على قيمة العملة وزعزعة مصداقية واستقرار نظام سعر الصرف ومن ثم إثارة الهلع والارتباك والدفع نحو (2) خروج رؤوس الأموال، وتبعاته المحتملة من (أ) انهيار لنظام سعر الصرف أو إضعاف لقيمة العملة وارتفاع حاد في معدلات التضخم مما قد يؤدي إلى، تذمر شعبي داخلي وبالتالي إمكانية زعزعة الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم الاجتماعي، والسياسي وصولاً إلى تهديد الأمن القومي، وزعزعة استقرار النظام في أسوأ الحالات، والاحتمال الآخر والأكبر هو (ب) استنزاف الاحتياطات السيادية لقطر في الدفاع عن العملة وتعزيز استقرار نظام سعر الصرف والنظام المالي، وإنهاك القدرة المالية للدولة مع مرور الوقت، وهذا أحد أهداف إطالة أمد الحصار، وبالتالي الإخلال بالتزاماتها بمشاريع البنى التحتية وتنظيم بطولة كأس العالم، وفي أسوأ الحالات قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على تغطية تكاليف الواردات من سلع رأس مالية ومعدات وغيرها من وسائل مواصلات ومواد بناء لتطوير البنية التحتية ومشاريع كأس العالم بل حتى الواردات السلعية من مواد غذائية وأساسية لأشهر معدودة حسب المعايير الدولية. مواجهة الحرب الاقتصادية: لقد كان متوقعاً استهداف العملة والنظام المالي في قطر في هذا النزاع، وتبعات ذلك معلومة، فهذه الجبهة التي من الممكن من خلالها إلحاق أكبر ضرر وتدمير ممكن بالاقتصاد القطري وعن بعد وبأقل تكلفة على الطرف الآخر، وهذا ليس لانكشاف أو ضعف ولكن نظراً لطبيعة أسواق المال والصرف الأجنبي وحساسيتها، ولذلك زال هنا عنصر المفاجأة وأخذت التحوطات اللازمة وإجراءات احترازية لحماية العملة، بالإضافة إلى استخدام الاحتياطيات، فتدخلت الحكومة وضخت ودائع وسيولة في الجهاز المصرفي تقدر ب 23$ مليارا في أول شهرين من الأزمة للتعويض عن خروج رؤوس أموال معظمها ودائع لدول الحصار، ولتعزيز استقرار العملة والاستقرار المصرفي والمالي، وضخت 38.5$ مليار في الاقتصاد ككل لتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ولكن يجب الإشارة إلى عاملين أساسيين لهما أكبر الأثر في فشل الحرب الاقتصادية على قطر وعملتها، والحملات الإعلامية المصاحبة لها، وهما أنه يصعب المضاربة على الريال القطري لأنه غير متداول خارجياً، فهو عملة غير عالمية وعرضه محدود في الأسواق الخارجية نظراً لقلة الطلب عليه، وأيضاً يصعب المضاربة على السندات السيادية القطرية لأنها غير سائلة وذلك نظراً لمحدودية تداولها في أسواق المال العالمية لأنها مقتناه من قبل بنوك عالمية تحتفظ بها لتصنيفها الائتماني المرتفع (AA-) ومردودها الجيد، والعامل الآخر هو فشل الحملات الإعلامية لدول الحصار كذراع للحرب الاقتصادية على قطر تستهدف تقويض الثقة وزعزعة استقرار العملة والنظام المالي وذلك نظراً لانعدام المصداقية كما تقدم ذكره. وأخيراً فإن مستوى الاحتياطات النقدية والسيادية الضخمة لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي يجعل من نجاح محاولات استهداف العملة والسندات القطرية أمرا صعبا وينكسر عند حائط صد الاحتياطات المنيع الذي يرفده اقتصاد حقيقي قوي لأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا بد من الإشارة إلى أن محاولة كسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية أداء هو سلاح ذو حدين وقد يرتد على من استخدمه، ويؤدي إلى انتشار العدوى إلى بقية الأعضاء وإشعال أزمة سعر صرف في منظومة تشكل منطقة عملة موحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ارتباطها بالدولار الأمريكي وتعاني أساساً من ضغوطات مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط (انظر مقابلة للمؤلف مع وكالة رويترز حول الموضوع بتاريخ 26/11/2017). فالبحرين على سبيل المثال، المصنفة عالية المخاطر ربما كانت الأكثر عرضة بين أعضاء المجموعة، إذ كانت، بحسب تقرير لوكالة بلومبرق صدر في شهر أكتوبر 2017، في ضائقة مالية وتعاني من انخفاض في الاحتياطات الأجنبية مما يعرض سعر صرفها لمخاطر قد تؤدي إلى إضعاف أو تخفيض قيمة عملتها. وبحسب التقرير فإن البحرين حذرت بعض دول المجلس الأخرى من مخاطر انتشار العدوى إذا ما اضطرت لخفض قيمة عملتها. وتجدر الإشارة إلى أن أزمة شرق آسيا المالية المدمرة في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد بدأت بأزمة سعر صرف في تايلاند ثم سرعان ما انتشرت إلى بقية دول شرق آسيا المجاورة. ردود أفعال السياسات للحصار المالي: أ. تدخلت الحكومة لتعزيز الاستقرار والثقة في هذا القطاع، وضخت ودائع في الجهاز المصرفي تقدر ب 19مليار دولار، والمصرف المركزي ب 9 مليارات دولار في أول شهرين من الأزمة، وتقدر بعض المصادر (Financial Times) أن قطر استدعت 20 مليار دولار من صندوقها السيادي لتعزيز السيولة المحلية، في حين تقدر وكالة موديزي للتنصيف الائتماني أن قطر ضخت ما قدرة 38.5 مليار دولار في اقتصادها خلال الأشهر القليلة الأولى من الأزمة. ب. اتخذت إجراءات إضافية لتعزيز استقرار العملة والنظام المصرفي. متخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي عضو زمالة الباحثين بمركز الاقتصاد الكلي ومعهد الفكر الاقتصادي المستجد جامعة كمبردج البريطانية