12 سبتمبر 2025
تسجيلبعيداً عن السياسة وهمومها في ظروف المنطقة التي تفرض على الجميع متلازمة قلقة؛ أحدثكم اليوم عن متلازمة من نوع خاص تلك التي تحضر وقت السفر وتحديداً في المطارات؛ فما من رحلة إلا وقد دفعت فوق ثمن التذاكر المزيد من تكاليف العفش الزائد ذهاباً وإياباً, بل يرافق هذه المتلازمة شيء من الغبطة لأولئك الذين يكتفون بحقيبة واحدة صغيرة في كل رحلاتهم؛ أما عن سر هذا الاكتفاء فربما هو ضمن ثقافة السفر التي لا يجيدها معظمنا، بل نُحمل أنفسنا في العادة ما لا طاقة لنا به من الأحمال والحقائب وكأننا في رحلة هجرة تستلزم نقل كل حوائجنا معنا بما فيها بعض أدوات المطبخ؛ عموماً إجازة الصيف على الأبواب وهناك الكثير من الأسر تستعد للسفر وعلى عجالة من أمرها في تدبير الحجوزات ومواقع النزهة دون أن يتدبروا صغائر الأمور أو الاهتمام بها، بينما هناك على الجانب الآخر صناع للسياحة ووكالات السفر يجيدون كيفية استغلال كل مفصل الرحلات لاستدرار المزيد من المال من هذا "السائح أو الصراف المفترض"، فمثلا تشتري حلاوة "راحة الحلقوم" من المحلات الشهيرة في إسطنبول لتقدمها كهدايا للأصدقاء هنا لتفاجأ بدفع ثمنها مضاعفاً مرات ومرات عند الشحن لتكون لك تلك الحلوى غصة حلق لاحقاً؛ وفي إسطنبول يفترض أن يكون السائح حذقاً حين الحاجة إلى ركوب سيارات الأجرة والتي يفترض سائقوها غباء السائح، خاصة الخليجي، فالفرصة متاحة لاستغلاله دون غيره؛ فهم إضافة إلى اللعب في عداد السيارة يمارسون خفة يد عجيبة في تبديل الأوراق النقدية التي تقدمها لهم؛ فحين تعطي السائق ورقة بقيمة 100 ليرة يفاجئك بورقة 10 ليرات في يده، حيث استطاع تبديلها لمجرد استغلالك وهذه حالة يقع فيها الكثير من السياح العرب في إسطنبول دون أن تجد السلطات هناك حلاً لهذه المحاولات المضرة بسمعة السياحة في بلادهم, أما في بومباي الهندية وفي ليلة ماطرة كنا نتجه في إحدى سيارات المطار إلى فندق تاج محل الشهير، سوى أنه بعد بضع دقائق من المطار توقف السائق وأمرنا بالنزول إلى عربة تقليدية تسمى هناك "ركشه" أو تك تك كما هو معروف عالمياً وذلك بحجة أن هذه هي حدود عمل سيارات المطار ولا أعرف وقتها هل كنا في سباق تتابع أم في حالة نصب استلزمت لفلفة سائق العربة بنا كل بومباي لعدم معرفته بموقع الفندق، بينما نحن تحت وابل من المطر الاستوائي الكثيف، بل ودفعنا الأجرة لسائق "الركشة" مرة أخرى بعد أن تيقنا بأنه ليس شريكاً في عملية النصب المتقنة؛ أما في تايلاند فكانت السلطات هناك تتيح للسياح في بعض المواسم الإقامة لوقت محدد في البلد دون رسوم تأشيرة, سوى أن أي تأخر بعد الأيام المحددة تُفرض عليك رسوم تفوق قيمة التأشيرة وتخيل مقدار ما تدفعه عن 10 أشخاص بمعدل 50 دولارا عن كل يوم تأخير ولمدة أسبوعين؛ وعند مناقشة موظفي الهجرة والجوازات في المطار تفاجأ بأنه كان يمكن تمديد الإقامة من أحد المكاتب الداخلية برسوم أقل سوى أن تلك من هفوات السفر وسبل الاستقلال التي تجيد استنزاف السائح, أما في هونج كونج فقد دفعت مبلغ 70 دولاراً إضافياً عن كل ليلة إقامة في فندق يرحب بضيوفه بعرض صورهم في تلفزيون الغرفة عند أول دخول مما يشدهم للتعامل مع التلفزيون الذي يحسب عليك ما لا يحسبه عداد الكهرباء هنا, عموماً السفر يحتاج إلى حذاقة ومراس للتمكن من التعامل مع المواقف بثقة وتجنب الاستقلال أو حتى الإحراج في بعض المواقف.. وإجازات سعيدة..