14 سبتمبر 2025
تسجيلبالتأكيد... فإن الحب هو الغالب، وأخبار الحروب هي الغالبة وأخبار الأحداث المتعاقبة والمتلاحقة لا تنتهي.. أما الحب فيعيش حالة انقراض فهو قد لملم خطاه عن الإعلام شيئا فشيئا بعد أن كان للحب أقلامه وأفلامه وبرامجه وأغنياته وقصائده وحكاياته، فصناعة الإعلام العربي في هذا الزمن إما صناعة الخيبة والألم والقهر أو صناعة التفاهة والاستعراض الفارغ.. إذا كانت الصناعة تعني التعامل مع الآلة والمحرك والأجهزة الكهربائية والإلكترونية فإن المقصود بالصناعة هنا هو الصنعة والإبداع وليس المهنة أو التعامل الآلي لأن الإعلام صانع فكر وصانع عقول كونه فضاء واسعا مفتوحا يصعب حصره إلا في مواهب وإبداعات لا نهاية لها، فوسائل الإعلام أيا كانت بإمكانها زرع الحب في النفوس إن أرادت وبإمكانها في الوقت نفسه زرع الحقد والكراهية وكأنها تعيش حالة حرب بينها وبين نفسها، القنوات الفضائية بشكل خاص هي الوسيلة التي احتلت الصدارة في الوسائل الإعلامية الاتصالية جاذبية وتأثيراً وتنوعاً وانتشاراً، ففيها الصورة والكلمة وفيها اللون والموسيقى والحركة والقدرة على صناعة الرأي والفكر لذلك قدرتها في التأثير وفي صناعة الرأي العام أقوى من غيرها، لكنني أتساءل هل استخدمت هذه القنوات من أجل الحياة البشرية والإنسانية على ظهر المعمورة؟ وهل استخدمت لزرع القيم والمبادئ الإنسانية وفي مقدمتها المحبة؟ أم استخدمت لزرع البغضاء والكراهية وبالتالي القتل والتدمير؟ لعلنا نتفق بأن زراعة المحبة أصعب بكثير من زراعة الكراهية.. ومن هنا فقد وظّفت هذه الوسيلة لخدمة الأمر الثاني الأسهل والأقرب إلى أهدافها فابتعدت هذه القنوات عن مجالاتها الحقيقية.. وأصبحنا نبحث عن الحب فلا نجده بعد أن كان الحب هو سيد الحضور في البرامج في المسلسلات والأفلام والأغنيات التي خلدها الحب الصادق، فاحتفظت بها ذاكرتنا للأبد.. غاب الحب عن فضاء الإعلام فغاب أيضاً في قلوب الناس.. ربما اعتمدت بعض القنوات على استيراد الحب من خلال المسلسلات المدبلجة والقادمة من مجتمع آخر وبيئة أخرى ولكنها ظلت تفتقد ثقافتنا وأصالتنا، فلم ترتق بذلك الحب كما يجب، الوصول إلى أجمل مراحل الحب حالة إنسانية تتطلب عوامل محيطة في الأسرة والمحيط الإعلامي والاجتماعي، ومن هنا يجب أن ننظر إلى العلاقة القائمة والدائمة بين الإعلام كوسيلة من وسائل تكوين المحيط مترابطة مع العوامل الأخرى تستند إلى شفافية صورة العلاقات الإنسانية بين أبناء المجتمع الإنساني كله والمحلي بخاصة، من حيث شفافيتها ومنهجيتها العلمية ومعايشتها لأبعاد النفس البشرية التواقة إلى الأفضل والأحسن بعيدة عن صور العنف والتناحر الوحشي المؤدي إلى البغضاء والكراهية والقتل.