25 أكتوبر 2025
تسجيلالعامة في أمثالها الشعبية الحكيمة تقول: كل شيء إن زاد عن حده انقلب ضده.. إن أكثرت الطعام فلن يكون في صالح صحتك، وسيتحول هذا الطعام الى نقمة عليك، وإن أكثرت من ممارسة الرياضة رغم توصية الأطباء اليومية بأهمية المشي والرياضة، فالنتائج لن تكون أيضاً سارة؛ بسبب الجهد الذي يحل بجسمك، وإن أغرقت نفسك في حب شخص إلى درجة العشق والغرام، فلن تكون النتيجة طيبة، وخصوصاً عند أول محك أو منعطف أو تجربة مع من تحب.. وهكذا البشر. ما قصة اليوم؟ علاقاتنا الإنسانية؛ لأنها الأساس الذي تستند إليه بقية تعاملاتنا وتفاعلاتنا مع بعضنا البعض في الحياة اليومية، فإنها تستحق دوماً كل رعاية، ومن تلك الرعاية المحافظة عليها من الاستغلال أو اساءة استخدام!وخذ على ما أقول هذا المثال.. قد تجد نفسك تكرم شخصاً وتفتح له قلبك وتعطيه بسخاء، فماذا يكون رد فعله؟ البعض الانتهازي أو صاحب النفس غير السوية، يظن أن ذلك مرجعه إلى سذاجة وغباء وأنك بهذا الفعل والفكر، يمكن أن تتحول الى لقمة سائغة له، وتسهل عملية بلعك في أي وقت هو يشاء.. فتراه يتحول إلى إنسان انتهازي، لا يتوانى عن استغلالك أبشع استغلال في أول فرصة يجدها أمامه، بل وإن ما يدعوه إلى التمادي أكثر معك حين تصبر على ذلك، وتواصل في كرمك وسخائك معه.. فيظن أن هذا قمة في السذاجة والغباء وأنت تدري كيفية تفكيره ولكن لأن ما يمنعك عن كشفه هو أخلاقك الرفيعة الراقية، التي تدفعك الى الصبر والتصابر فلعل الله يهديه ويكتشف سوء عمله سؤالي: أليس لمثل هذه العلاقات حدود؟ أقصد من سؤالي: ألا يجب وضع حد لهذا الاستغلال البشع أو لمثل هذه العلاقات غير الإنسانية، إن صح وجاز لنا التعبير؟ نعم أجد أهمية وضرورة ايجاد حد معين ووقف مثل تلك الانتهازات. حاول أن تتذكر كم مرة حاول البعض استغلال طيبتك أو كرمك معه؟ من المؤكد أنك ستجد البعض، وتتذكر على الفور وتتأسف لما بدر منهم، الذين تسببوا في أن تتغير بعض الشيء بحيث لم تعد ذاك الطيب أو الكريم مع الجميع، حتى لو كان هناك من يستحق كرمك وطيبتك، بسبب تجارب استغلالية سابقة صرت تخشى تكرارها فتمانع بعض الشيء، بل صرت أصعب من ذي قبل، وهذا في حد ذاته مثلما يريحك ويبعدك عن الاستغلال، فهو يتعبك نفسياً؛ لأنك في الأصل صاحب طينة وفطرة طيبة.. تحب أن تعين وتُعان، ولكن الظروف تجبرك حيناً على ضبط تلك الرغبة الطيبة بداخلك، فتتكون عندك طيبة مغلفة بحذر شديد، خشية الاستغلال والانتهاز. خلاصة الحديث أن المسألة تحتاج إلى بعض التوازن، وهذا في حد ذاته أجده من التحديات الصعبة في الحياة، وأحسب أنك على قدر التحدي، لأن المؤمن كيّس فطن، يدرك الخير من الشر، والصالح من الطالح.