16 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ عدة أشهر تتوعد الحكومة والجيش الصهيوني بالدخول إلى رفح وكان قد دخل كافة أجزاء قطاع غزة خلال 200 يوم ماضية منذ 7 أكتوبر 2023 ولم يحقق شيئا سوى الخراب وتدمير البنية التحتية فهو لم ينجح في تدمير بنية المقاومة ولا اغتيال قادتها ولا تفكيك جيوبها التي تعود للتحكم والسيطرة مباشرة والشاهد على ذلك أن قوات الاحتلال المتواجدة في محور نتساريم الفاصل بين شمال ووسط القطاع يتم إمطارها بقذائف الهاون بشكل شبه يومي من وسط القطاع ومن أحياء شرق وغرب مدينة غزة وهي التي اقتحمها الاحتلال ودمر بنيتها التحتية. من ناحية أخرى كان العدو قد بنى سيناريوهات أن أسراه موجودون تحت مشفى الشفاء ثم في مدينة خانيونس التي فتشها شبرا شبرا ولم يجد فيها شيئا ثم اضطر إلى أن يغادرها ولكن قبل المغادرة فاجأته المقاومة بكمين الزنة الذي يعد واحدا من أذكى الكمائن العسكرية حيث قتل وجرح فيه العديد من جنود الاحتلال وتدمرت عدة آليات عسكرية. الآن يقتحم الجيش الاسرائيلي شرق رفح ويسيطر على معبر رفح في وقت أعلنت فيه حركة حماس للوسيطين القطري والمصري قبولها مقترح اتفاق وقف إطلاق النار والذي أشرف عليه الجانب الأمريكي أيضا وهذا الموقف الذي جاء قبيل عملية رفح قد فضح الموقف الصهيوني المتعطش للدماء والدمار حيث جعل الكرة في ملعب نتنياهو وحلفائه من اليمين المتشدد الذين أصروا على معركة رفح من أجل المزيد من سفك دماء الأطفال والنساء وتدمير المنازل على ساكنيها وتعميق الأزمة الانسانية لأكثر من مليون ونصف المليون لاجيء وتركهم بلا طعام أو شراب أو مساعدات إنسانية مع احتلال معبر رفح. لا يوجد تخمين دقيق حول مدى تعمق الاحتلال في رفح فهذا العدو لا حدود لإجرامه كما رأينا في الأيام والشهور الماضية ولكن من الواضح أن حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو ستفقد الورقة التي لطالما لوحت بها لتمديد المعركة كما أنها تخاطر بحياة الأسرى الذين لم تستطع أن تحميهم في 7 أكتوبر وقتلت عددا كبيرا منهم بقصفها الجوي خلال الأشهر الماضية. وهذا الأمر يعمق أزمة نتنياهو وحكومته مع أهالي الأسرى الاسرائيليين الذين صعدوا من احتجاجاتهم ضد حكومتهم مع دخولها لرفح ورفضها للتجاوب مع مرونة حركة حماس التي أعلنت عن قبولها مقترح الوسطاء. وفي هذا السياق ربما نتفهم إغلاق حكومة الاحتلال لقناة الجزيرة حيث إن الاحتلال يريد التغطية على حراك الشارع الإسرائيلي ولا يريد أن يستفاد من ضعفه في هذا الجانب ولكن جهوده هنا لم تفض إلا لفضح مواقفه إزاء الصحافة الحرة ولن يستطيع التغطية على هذا الحراك مهما فعل، من جانب آخر فإن نتنياهو بدخوله إلى رفح قد كُشف بشكل غير مسبوق حتى أمام حلفائه في الإدارة الأمريكية الذين باتوا يحثونه علنا على عدم الدخول إلى رفح ولكنه فضل عدم الأخذ برأيهم للحفاظ على موقعه وعلى حلفائه من اليمين المتشدد مثل بن غفير وسموتريتش وهذا يزيد من قتامة صورة الاحتلال الإسرائيلي كعبء على الإدارة الأمريكية بالرغم من أنها لا تزال تعتبر التزامها بأمنه عنصرا راسخا في سياساتها. لقد فاجأت المقاومة بمرونتها نتنياهو قبيل دخول رفح فقامت بتعرية سلوكه وأهدافه وحقيقة موقفه الذي يريد إطالة أمد الحرب، وكشفت خطوط الصدع بينه وبين الإدارة الأمريكية وأظهرت أن المقاومة هي الطرف العقلاني فيما أن نتنياهو هو الذي يتبنى جنون الحرب بالرغم من أنه مطالب من مكونات إسرائيلية عدة بوقفها. لن يحقق نتنياهو من رفح شيئا حتى لو اقتحمها كلها فالمقاومة باقية ومتجذرة ولن يحصل على أسراه ولن يستطيع البقاء طويلا ويمكن الرجوع لوثائق الوجود الاسرائيلي في غزة بين 2000 و2005 في وقت لم تكن المقاومة فيه بقوة اليوم.