12 سبتمبر 2025

تسجيل

إلى أين تتحرك المؤشرات الاقتصادية في قطر؟

08 مايو 2016

هناك حالة من الغموض تكتنف مستقبل الوضع الاقتصادي في البلاد، جراء ما حدث من انخفاض كبير في أسعار النفط. وهذا الكلام ينطبق على كثير من المجاميع الاقتصادية سواء في ذلك عجز الموازنة العامة للدولة أو الميزان التجاري، أو معدل التضخم، وعرض النقد، وعدد السكان. وفي حين تبذل الجهات المعنية جهوداً حثيثة لإصدار البيانات في مواعيدها المقررة، سواء في ذلك وزارة التخطيط التنموي والإحصاء أو وزارة المالية أو مصرف قطر المركزي، أو وزارة الاقتصاد والتجارة، فإن الحاجة تبدو ملحة لنشر التوقعات الخاصة بتلك المجاميع للشهور القادمة، باعتبار أن ذلك مهم في تخطيط الأعمال والخدمات التي تقدمها الحكومة أو شركات القطاع الخاص، كما يحتاج إليها الأفراد في إدارة شؤون حياتهم. وسأعرض في هذا المقال لبعض هذه المجاميع لبيان أهمية التوقعات في كل منها.وأبدأ بعدد السكان الذي أشارت بيانات التخطيط التنموي إلى أن العدد ارتفع مع نهاية شهر أبريل إلى أعلى مستوى تاريخي له. فبعد انخفاض محدود في شهر مارس، عاد إجمالي عدد القطريين والمقيمين إلى الارتفاع بنسبة 1.3% عن نهاية مارس الماضي إلى 2.56 مليون نسمة، وبنسبة 9.2% عما كان عليه قبل سنة في نهاية أبريل 2015. وهذه الزيادة المفاجئة تتناقض مع التوقعات التي راجت منذ بداية العام بأن عدد السكان مرشح للإنخفاض من جراء التطورات التي ترتبت على انخفاض أسعار النفط. ويترتب على تغير عدد السكان بالزيادة أو بالنقص تأثيرات مهمة على كافة نواحي الحياة في المجتمع، في مقدمتها الطلب على السلع والخدمات سواء التي تقدمها الحكومة أو القطاع الخاص. فزيادة عدد السكان تؤدي إلى رفع معدلات الإيجارات للوحدات السكنية والمحال التجارية، ومن ثم ترتفع أسعارها مجدداً، في حين أن الانخفاض يضغط على الإيجارات ويعمل على خفض معدلاتها ولو بعد فترة من الزمن.وقد كانت هناك توقعات منذ العام 2010 بأن عدد السكان سيصل إلى 2.4 مليون نسمة قبل أن يستقر أو يتراجع.. وقد تجاوزت البلاد هذا المستوى منذ عام ولا تزال تنمو بمعدلات سنوية مرتفعة جداً.ولو استمر النمو على هذا النحو فإنه سيؤثر على كثير من مناحي الحياة ومن ذلك عدد السيارات وازدحام الحركة المرورية، وطوابير السيارات على محطات الوقود، والحاجة إلى مرافق جديدة في الصحة والتعليم والبلدية والطرق والكهرباء والماء وغيرها.ومن جهة أخرى، شهد عام 2015 تراجعاً حاداً في معدل التضخم حيث انخفض في الربع الأول من العام إلى أقل من 1%، نتيجة ارتفاع سعر صرف الريال وانخفاض أسعار المواد الغذائية عالميا. وارتفع المعدل بعد ذلك بالتدريج إلى أن وصل 1.9% في نوفمبر من نفس العام.. وقفز في شهر ديسمبر إلى 2.7% ثم إلى 3.3% في شهري مارس وإبريل من هذا العام. وقد كانت السمة الراجحة في ارتفاع معدل التضخم هي ارتفاع تكاليف مجموعة التعليم، مع عودة مجموعة السكن والوقود إلى الارتفاع، نتيجة ارتفاع فواتير الكهرباء والماء. ومن المرشح أن يواصل معدل التضخم ارتفاعه في الشهور القادمة إذا ما حدثت زيادات جديدة في عدد السكان، أو بارتفاع أسعار البنزين والمنتجات الأخرى. وكان مؤشر أسعار العقارات التي يصدره مصرف قطر المركزي بالتعاون مع وزارة العدل قد تضمن ارتفاعاً مضطردا من 91.2 نقطة في يونيو 2009 إلى 310.4 نقطة في نوفمبر 2015، وذلك قبل أن ينخفض في شهر ديسمبر الماضي إلى 292 نقطة. ولم يصدر عن المصرف حتى الآن أرقام المؤشر عن شهور الربع الأول من العام 2016، وهي مهمة جداً في الكشف عما طرأ على أسعار العقارات، وما إذا كان الرقم الشهري قد واصل تراجعه أم عاد إلى الارتفاع مجددا؟هناك تغيرات طرأت على المعطيات الاقتصادية والسكانية، وأثرت ولا شك على واقع المجتمع في السنة الأخيرة، ويبدو أن التغيرات لا زالت تحدث بشكل متسارع، ومن هنا تبدو أهمية وجود توقعات عن تلك المجاميع والمتغيرات حتى يتمكن الناس أفرادا ومؤسسات من تنظيم أعمالهم على النحو المرجو والمطلوب في هذه الفترة بدون حدوث اختناقات في الخدمات المقدمة للجمهور، ومن أجل تقليص النفقات، وتعظيم الفائدة.