01 نوفمبر 2025
تسجيلذهب طرفا القضية الفلسطينية للمصالحة في القاهرة وكلاهما قد أبدى رأيا مخالفا للآخر تجاه مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. فحركة المقاومة الإسلامية حماس وصفت العملية بأنها اغتيال لمجاهد عربي. فقد صرح رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية قائلا إن حركة حماس تعتبر العملية استمرارا للسياسة الأميركية القائمة على الظلم وإراقة دماء المسلمين والعرب كما أوضح هنية أنه رغم الاختلاف الفكري بين القاعدة وحماس إلا إننا ندين اغتيال وقتل مجاهد عربي ونسأل الله أن يتغمده برحمته مع الشهداء والأبرار أما السلطة الفلسطينية وعلى لسان المتحدث باسمها غسان الخطيب فكان لها رأي آخر حيث قالت إن مقتل زعيم تنظيم القاعدة على أيدي القوات الأمريكية مفيد لقضية السلام وقال الخطيب أن التخلص من بن لادن مفيد لقضية السلام في شتى أنحاء العالم ولكن المهم هو التغلب على الخطاب والأساليب العنيفة التي طبقها وشجعها بن لادن وآخرون في العالم وتصدر الفلسطينيون عناوين الصحف بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 م على نيويورك وواشنطن التي نفذها تنظيم القاعدة حين تم تصوير مجموعة صغيرة تحتفل في القدس الشرقية بينما كانت هناك مظاهرات أخرى كبيرة في قطاع غزة مؤيدة للهجمات. فالفلسطينيون ينحون باللائمة في أزمتهم على الدعم الأميركي لإسرائيل، غير أن الرئيس الراحل ياسر عرفات منع هذه النوعية من المظاهرات وعبر عن تعاطفه مع القتلى في الولايات المتحدة. ورغم اختلاف الرؤية السياسية وأساليب التعاطي معها فيما بين فصائل القضية الفلسطينية والذي أدى في بعض حالاته إلى الانقسام والمواجهة والتباعد وتسويف الحلول وتجميد محادثات السلام مع العدو المحتل والذي استثمر الخلاف الفلسطيني الداخلي أيما استثمار بل عمل بشتى السبل على تكريسه وتوسيعه لتمرير العديد من المشاريع الاستيطانية واللعب على عامل الوقت وتحميل خلاف الجانب الفلسطيني أسباب وتبعات التأجيل إلا أن الكثير من المتابعين يعتبرون أن المغنم الوحيد والفوري من الاتفاق الأخير تجنيه القاهرة وساستها الجدد لبلورة دور عربي فاعل ومؤثر في القضايا العربية ولبناء نوع من الثقة والمصداقية في السياسة المصرية وتوجهاتها بعد رحيل نظام الرئيس مبارك بما فيها توجيه رسالة متعددة المضامين إلى إسرائيل ذاتها. أيضا فالاتفاق الفلسطيني وبأي صيغة فهو مرحليا مهم ومفيد في مسير القضية وقد بدت أولى نتائجه في ردة الفعل الإسرائيلية كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حسب تصريحاته في العاصمة البريطانية لندن والتي كان يزورها عشية توقيع ذلك الاتفاق الذي يؤمل له العرب والفلسطينيون وكل دعاة السلام في العالم الصمود وسرعة انضواء الشعب الفلسطيني تحت لواء واحد للمضي نحو مرحلة قادمة يمكن خلالها تحقيق سلام دائم وعادل لهذه القضية التي تشغل الأوساط العالمية وتتمحور حولها الجهود والمباحثات الدولية وتشكل في مجملها المعادلة الصعبة أمام ساسة العالم أجمع بل ويعتبر استمرارها وتبعاته في الأراضي الفلسطينية المبرر الأقوى غالبا لدى الجهات المتطرفة لتمرير الأجندات المتشددة والتي تبرر الكثير من عملياتها واستهدافاتها بحثا عن حق مغتصب للشعب الفلسطيني والتي طال العمق الأميركي بعض من أقوى تلك الاستهدافات كما هجمات 11 سبتمبر. ومن موقف حماس الطرف المتشدد في الخلاف الفلسطيني في مقتل بن لادن يمكن استخلاص نتيجتين مهمتين الأولى في ضرورة احتواء حماس ضمن دولة فلسطينية تلزم بالاتفاقات والمعاهدات الدولية ولتظل عنصرا فاعلا في مشروع السلام الإقليمي بعيدا عن رسم ملمح متشدد أو مناهض للتوجه العالمي حسبما يروج له عن حماس.أما النتيجة الثانية فهي أن حماس من خلال رأيها المعلن في مقتل بن لادن تؤكد بان الجهاد وطريقه هو السبيل الممكن لإعادة الحقوق بعد سلسلة الالتفاف والتركيع للدبلوماسية واحتوائها بالمعاهدات المجحفة وإفشال مشاريع الاتفاق السابقة فقد صمد الحماسيون في غزة وعانوا أنكل الظروف والاعتداءات مشكلين قوة فلسطينية لا يستهان بدورها ولا بحضورها المكفول ديمقراطيا ضمن مجموع الكتل الفلسطينية عندما احتكمت إلى صناديق الاقتراع لتشكيل الحكومة وهذه ورقة القوة التي تراهن عليها حماس ولو بالخطاب والتأييد لكل ما يزعج العدو وأعوانه إذا فالدور الفلسطيني بدون حماس سيظل معطلا وربما محفزا لسلسة توجهات غير مرغوبة فلسطينيا وعالميا مما يحتم ضرورة إنجاح اتفاق القاهرة والمضي به نحو الصمود والتمسك به أمام كل الظروف والتحديات حيث لم يعد للمكاسب الذاتية مجال في سبيل تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه وتحقيق طموحات الأمة كافة لاستعادة ما يمكن من الدولة الفلسطينية فكما قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس سنجعل الأربع سنوات الماضية بما فيها تحت أقدامنا ووراء ظهورنا. فالشعب الفلسطيني بمكوناته ومختلف ميوله السياسية مؤهل للعمل في بلورة حلول قضيته وتقرير مصيره بالعمل المشترك والجاد المترفع على كل الخلافات أملا في الهدف الأكبر وهنا يأتي دور الجهد العربي الذي تعمل له دولة قطر الآن لحشد تفعيل ودعم عربي للاتفاق الذي يتمنى الجميع أن يكون انطلاقة أقوى تجاه الهدف الواحد[email protected]