20 سبتمبر 2025
تسجيليعيش العالم ذعراً لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، بفعل وباء فيروس كورونا المستجد الذي شغل الحكومات وأخضع الدول العظمى لوضع خاص، وأثار نوبة هيستيرية من الخوف والحزم داخل كل المجتمعات، وبرهن حقيقة ثابتة وهي قوة ترابط الإنسان بأخيه الإنسان على هذا الكوكب (الأرض) ووحدة المصير المشترك، وإن اختلفت الملل والشرائع والديانات، إذ إن كائناً مجهرياً صغيراً اخترق جسم إنسان سليم يعيش في أقصى نقطة من القارة الآسيوية انتقلت عدواه لآخر وآخرين وانتشرت العدوى انتشار النار في الهشيم حتى أصبح خطراً يشغل ويهدد كيان البشرية جمعاء. إذن ما الذي علينا فعله للتصدي لهذا الوباء؟ وما هي طرق الوقاية الأنجع لمكافحته وانحساره؟ وما هي المسؤولية الملقاة علينا تجاه الوطن الذي يشهد كغيره تحدياً على جميع الأصعدة بسبب هذا الوباء؟. في يوم 11 مارس 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن فيروس كورونا أو (كوفيد 19) كوباء عالمي، وجائحة لم يسبق للعالم أن شاهد مثلها في سرعة التفشي والانتقال، فشرعت الدول تعد لذلك العدة والعتاد، فأغلقت المعابر البرية والبحرية ووضعت رقابة صارمة على كل المنافذ والمطارات وأخضع المسافرون والوافدون لفحص مقياس الحرارة، لتعزيز الرصد والمراقبة، وبدأت الإجراءات الاحترازية تؤخذ بشكل جدي، للتصدي لمنع دخوله، ووضعت وسائل الإعلام في خدمة المواطن، لتوعيته ولنشر روح التفاؤل والطمأنينة لديه، والتصدي للشائعات المغرضة والقضاء عليها في مهدها، كذلك تم تأمين حاجيات البلد من الغذاء والدواء والمحروقات استعداداً لخوض الأزمة وكإجراء استباقي لقادم الأيام، وتقرر أن مواجهة هذا الوباء مسؤولية الجميع، فيجب أن نحفظ أنفسنا منه ونقف وقفة رجل واحد (الحكومة والشعب) في وجهه، ومن منظورنا الإسلامي حثت جميع الشرائع على وجوب صون النفس وحمايتها (ولا تُلقوا بأيديكم الى التهلُكة)، ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال في شأن الوقاية: (لا يورد ممرض على مصح) وغير ذلك من الأدلة الشرعية. وطرق الوقاية التي أثبتت الدراسات جدواها النظافة الدائمة وخاصة بعد التجوال أو ملامسة الأسطح وعدم الاحتكاك بالأشخاص المشتبه بإصابتهم، وترك مسافة متر ونصف على الأقل، والمحافظة على تناول الطعام الصحي والمشروبات الدافئة والحمضيات، لدعم وتقوية الجهاز المناعي، وتجنب التجمعات والمناسبات الاجتماعية، ومراسم العزاء، والتقيد بإجراءات السلامة التي تفرضها الدولة من حجر منزلي، وحجر صحي إن استدعى الأمر ذلك، ونشر التوعية الصحية في المجتمعات الأقل وعياً، وحتى إن استدعى الأمر إمدادهم بوسائل النظافة والتعقيم وحثهم على ضرورة التقيد بالتعليمات. فالمكافحة والتصدي له بكل الوسائل مسؤولية الجميع، وتعزيز هذه الإجراءات وردع مخالفيها باطلاعهم على العقوبات والغرامات التي يفرضها القانون على المخالف المتجاوز، ولحرص دولة قطر على وضع التدابير الاحترازية التي تحول دون تفشي الأمراض والأوبئة، فقد أصدر صاحب السمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله" القانون رقم (9) لسنة 2020 بتعديل المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية، ووضع المشرع في هذا القانون الإجراءات الكفيلة بالوقاية من الأمراض والأوبئة المعدية، فقد قرر مسؤوليات الأفراد فيما يتعلق بضرورة التبليغ عن المصابين بتلك الأمراض، وفقاً للمادة الرابعة من القانون المشار إليه والتي أوقعت مسؤولية واجب الإبلاغ عن المصابين على كل من: 1- كل طبيب قام بالكشف على المصاب أو المشتبه في إصابته بمرض معد. 2- المصاب. 3- رب أسرة المصاب أو من يؤويه. 4- مدير الجامعة أو المعهد أو المدرسة التي ينتسب لها المصاب أو من ينوب عنه. 5- الرئيس المباشر للمصاب في العمل إذا وقعت الإصابة أو اشتبه في وقوعها أثناء تأديته لعمله. 6- مستقدم الوافد سواء كان المصاب أو المشتبه في إصابته داخل البلاد أو في الخارج متى اتصل ذلك بعلم أحد منهم. وقد رتب المشرع القطري جزاء على من يخالف أحكام هذه المادة، فقد نصت المادة (21 /1) من المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية المعدلة بالقانون رقم (9) لسنة 2020 على أنه (مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر: 1- يعاقب على مخالفة أحكام المواد (3)، (4)، (6 مكرراً) بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على (200000) مائتي ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين). إذن فالعلاج الأنفع في هذه الظرفية الخاصة التحلي بروح الوطنية، ونشر روح التفاؤل، وتكافل الجهود كل حسب جهده في سبيل إنجاح الخطة المرسومة لانحسار الفيروس والقضاء عليه وعودة المياه لمجاريها وتخطي هذا الظرف بسلام إن شاء الله.