11 سبتمبر 2025
تسجيللابد أن تنعكس الآثار الإيجابية لمؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصري- مصر المستقبل" على كل القطاعات الاقتصادية، ومجالات الاستثمار التي تستقطب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ومنها البورصة التي تعبر عن الحالة الاقتصادية، حيث ركز المؤتمر الاقتصادي على الاستثمار المباشر في مشروعات طويلة ومتوسطة الأجل، لاسيَّما مشروعات الطاقة، دون وجود دور فعال للبورصة المصرية، وكان سقف التوقعات كبيرا في انتعاش البورصة وسوق المال بعد الإعلان عن حجم الدعم والاستثمارات والمشروعات التي تم الاتفاق عليها مع الدول العربية والأجنبية، ومن ثم فإنه من غير المعقول نجاح المؤتمر بدون أن ينعكس على الأداء الاقتصادي عامة وعلى البورصة وأنشطتها خاصة، إلا أن البورصة المصرية تأثرت سلبا بأكثر مما هو متوقع، لأن التفاؤل الذي كان يتوقعه الخبراء ويتمناه المستثمرون قد تحول إلى غضب نتيجة للغط حول التعديلات الأخيرة التي أقرتها الحكومة بشأن فرض ضرائب على تعاملات البورصة، وعلى الأرباح والتوزيعات النقدية، والذي أدى إلى إلحاق الضرر والخسائر بالمستثمرين، ولاسيَّما مع عدم وجود اللائحة التنفيذية للقانون التي تنظم ذلك، رغم تطبيق القانون، في الوقت الذي مازال فيه هناك خلل في هيكل المؤشر الرئيسي للبورصة، وزيادة الوزن النسبي لبعض الأسهم، وقدرتها على التحكم في المؤشر الرئيسي، كما أن هناك تحديات تواجه المستثمرين، تعوقهم عن نقل أموالهم إلى خارج مصر، وكذلك عدم تنفيذ بعض الأحكام القضائية التي تقضي بإرجاع الأموال إليهم وتعويضهم عن ذلك، رغم التفاؤل بعد المؤتمر الاقتصادي، إلا أن عدم الوضوح أو الغموض بشأن مصير استثماراتهم العالقة ما زال مستمرا.ولا شك أن الأمور إذا استمرت هكذا، وخاصة ضريبة التعاملات على البورصة المتهم الأول والأساسي في الدولة، لاسيَّما أنه ربما بدون قصد اعتبر البعض أن تخفيض الدولة للضرائب على الدخل وإلغاء الضريبة الاستثنائية على الأثرياء بمناسبة المؤتمر الاقتصادي وتمسكها بالضريبة على الأرباح الرأسمالية يعطي رسالة سلبية بأن الدولة تشجع الاستثمار في كل شيء ماعدا سوق الأوراق المالية، وتكمن خطورة ذلك بتمسك الحكومة باستمرار الضريبة على تعاملات البورصة من منطق الجباية لزيادة موارد الدولة وفقا لسياسة الجباية المتبعة بدون النظر إلى العواقب السلبية التي تنعكس على وضع البورصة، في ظل عدم الاستقرار السياسي الذي يعد من أهم الأسباب وراء التراجع في البورصة وبالأخص تضارب الآراء حول الموعد الحقيقي للانتخابات البرلمانية التي تعد مؤشرا على الاستقرار السياسي في أي دولة، مع انعدام أي محفزات جديدة لصعود السوق، مما دعا المشاركين في المؤتمر الأول لتحديات صناعة سوق المال في مصر "واقع.. حلول" للمطالبة بأن تكون الدولة أكثر اهتماماً بسوق المال باعتباره بوابة الاستثمار غير المباشر لمصر، لاسيَّما دوره الكبير في التمويل والتنمية، مع ضرورة إيجاد حلول عاجلة لمشاكل تحويلات المستثمرين الأجانب والعرب التي أسهمت بشكل كبير في تقليص استثمارات هذه الشريحة في البورصة، التي طردت الكثير من المستثمرين العرب خارج سوق المال المصري لعجزهم عن تحويل أموالهم، وعدم وجود آلية سريعة تضمن معالجة القصور القانوني والتنظيمي، في مواجهة عمليات بيع من قبل بعض المضاربين للضغط على إدارة البورصة للتراجع عن فرض الضريبة، الذي أصبح مطلبا ضروريا، خاصة في هذا الوقت، حتى يعود للبورصة توازنها وقوتها، وتعود إليها ثقة المتعاملين والمستثمرين العرب والأجانب، من خلال وضع خطة استثمارية طويلة الأجل، متوافقة مع أولويات السوق وتحدد خريطة الاستثمارات المستقبلية وتعمل على تشجيع المستثمر الأجنبي في مصر، واتخاذ عدة إجراءات غير تقليدية لإصلاح منظومة البورصة، كإصلاح المؤشر وزيادة قواعد الإفصاح والشفافية وتنظيم حلقات عمل تحت مظلة البورصة لمعالجة المشكلات القائمة، ومناقشة البدائل المطروحة، حتى لا تصنع القوانين التي نضعها قيدا أو عقبة أمام الاستثمارات في مصر، وتسببت في خروج أموال كثيرة للمستثمرين، خاصة العرب، لأن المشكلات التطبيقية يشوبها العديد من شبهة الازدواج الضريبي بما لا يسمح بتطبيق أي مقترح يخص مثل هذا الاتجاه في ضوء الأوضاع الحالية، إلى جانب المشاكل المتمثلة في عدم توافر العملة الصعبة في البنوك وما ترتب على ذلك من آثار استثمارية سلبية بالقطاع، للاستفادة من المميزات في السوق المصري التي يجب استغلالها وأن يتم تيسير الإجراءات بدلا من تعقيدها.