02 أكتوبر 2025
تسجيلالتأم ملتقى العاملين للقدس ومؤتمر الائتلاف العالمي لنصرة فلسطين في القاهرة بتاريخ 23-25 جمادى الأولى 1434هـ الموافق 4-6 أبريل 2013م بعد ما لبى المدعوون من الحركات والهيئات والأحزاب والجماعات والشخصيات المعنية من العالم العربي والإسلامي والعالمي هذه الدعوة المباركة وسط تزاحم الأحداث والمتغيرات الدراماتيكية على كل صعيد في العالم، وكان لابد من التحدي في الأزمة الخانقة التي تمر بها الحركة الفلسطينية بحيث أعلن المشاركون الذين بلغوا خمسمائة ناشط من النخبة أن الرغبة في تحرير فلسطين والأقصى والقدس قد ارتفع مستواها، حيث ألف بين الجميع عشق تلك الديار المقدسة وسارت الفعاليات على خطى صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وتحدث العلماء والمفكرون والساسة والأدباء والشعراء عن ضرورة إدخال المشهد الفلسطيني طورا جديدا أساسه اقتراب لحظة التحرير ومقاومة مخاطر الاحتلال الصهيوني، فنحن في القرن الواحد والعشرين، فإذا كان القرن التاسع عشر هو قرن النصارى وكان القرن العشرون هو قرن اليهود فإن هذا القرن هو قرن المسلمين بإذن الله، على أنه قد تميزت جلسات المشاركين بمشاركة فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين بحديث شائق تعرض فيه للحلول الناجعة المطلوبة لقضية القدس والأقصى وفلسطين مركزا على مقاومة التهويد ومطالبا بالثبات على مبدأ المقاومة حيث إن اليهود لا يفهمون لغة سواها كما أكدت الأحداث تاريخيا، ثم ركز باهتمام كبير على القضية السورية وما يعانيه الشعب الأعزل من بطش الطغاة الذين تجاوزوا كل النقاط الحمراء تدعمهم إسرائيل ومعظم ما يسمى بالمجتمع الدولي المصلحي الميكيافيللي الذي لا تهمه إلا مطامعه على حساب الدماء الزكية في الشام، محييا الجيش الحر ومشيدا بانتصاراته على الظالمين وأن تحرير دمشق هو الطريق لتحرير القدس. كما تحدث الأستاذ المجاهد السيد خالد مشعل عن حركة حماس وفتح أبواب الأمل من جديد. ثم تكلم الأستاذ السيد أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة لافتا النظر أنه لا بد من التغيير الحقيقي الذي سلكه الزنكيون الذين كان صلاح الدين ثمرة لجهادهم التربوي والنهضوي منبها إلى أن الثورة السورية تمر بأحرج المواقف والمؤامرة مستمرة للتقسيم داعيا إلى الوقوف بوجه كل التحديات التي تحاول النيل من الوطن السوري خدمة لليهود وأذنابهم. كما تحدث الأستاذ الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس حزب العدالة والحرية في مصر مستعرضا المشهد المصري بتوصيف دقيق مبينا الشبهات التي تثار ضد الخطاب الوطني طارحا بعض الحلول التي تعافي البلاد من بعض ما ألم بها، وهو الحديث نفسه تقريبا الذي أفاض فيه وزير الإعلام المصري الدكتور صلاح عبد المقصود إلا أنه أتى بأرقام ووثائق وشؤون موضوعية تجعل المتأمل متفائلا جدا بمستقبل البلاد ناصحا الإعلام أن يصحح مساره ويدعم الشرعية. وكذلك تحدث الدكتور صلاح سلطان عن الهوية وضرورة الاهتمام بالتخطيط الموضوعي والابتعاد عن ردود الأفعال، وسعيا لتجسيد شعار "على خطى صلاح الدين" توزع المشاركون في الملتقى على ورشات عديدة كل باختصاصه من علماء ونقابيين وكشفيين وطلاب وإعلاميين ونساء وبرلمانيين وفنانين وأدباء ورياضيين إذ قدم كل رأس منهم بعد ذلك تقريرا مهما عن نتائج الورش وأشعرونا بالجدية ودقة التخطيط والإبداع والابتكار مما أبهج الحاضرين وأعلى لديهم بوارق الآمال مع شدة الآلام. وقد عزز ذلك كلمات ممثلي الوفود الخارجية إذ شرح كل واحد منهم ما يلم ببلاده كالقضية السورية والتأكيد على أن إسرائيل هي مربط الفرس في محاولة إخماد الثورة فيها والمحافظة على الجزار رغم كل هذه الأنهار من الدماء وإهلاك العباد والبلاد وبالسلاح الكيماوي، وكذلك ما يهم العرب والمسلمين في العراق الذي يعاني أشد المعاناة من سياسات المالكي الطائفية التي انتهجها وينفذها بالاغتيالات والتفجيرات حقدا على معارضيه من أهل السنة وسواهم، وأخذت محنة بورما منمار حيزا مهما في التأكيد على نصرة إخواننا من الروهانكيا هناك وتحدث الوفد الروسي والباكستاني والهندي والماليزي والإندونيسي والكردي من غير العرب عن مشكلاتهم، وهكذا فقد جمع ملتقى القدس كل الأطياف والأعراق على مائدته ليتذاكروا همومهم ويقترحوا حلولا لها، ثم تم انتخاب فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين رئيسا للائتلاف الجديد لفترة الأربع سنوات الأولى كما تم اختيار طاقم نراه مناسبا ولا نزكي على الله أحدا، وقد أكد المشاركون امتنانهم لقاهرة المعز على الاستضافة والمشاركة مؤكدين تشبثهم بثوابت القضية الفلسطينية والكفاح حتى النصر وإزالة الاحتلال ثم دعوا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم للمشاركة في المسيرة العالمية إلى القدس التي ستنظم في 7/يونيو تحت شعار "شعوب العالم تريد تحرير فلسطين" ورفض تهويد المسجد الأقصى والمطالبة الحاسمة لشعوب وحكومات العالم أن يقفوا مع المظلوم لا مع المحتل وبالتالي ضرورة دعم المقاومة المشروعة ماديا ومعنويا، ولعل أهم ما تذوقناه في هذا الملتقى تلك العاطفة الإيمانية التي حشدت هذا الجمع الكبير المتفاعل من العالم وعاهد الله على الإنجاز والعمل للقدس ونصرة قضايا العرب والمسلمين والعمل على قهر المستبد مهما كان إذ هو في غالب الأحوال أخطر حتى من المحتل لأنه خادمه الوفي لقهر الشعوب، وأن الحرية هي شجرة الخلد وسقياها قطرات الدم المسفوح وأن الإسارة شجرة الزقوم وسقياها أنهر من دم المخاليق المخاريق كما قال عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد" فما أجدرنا أن نكرر هذه الملتقيات لتبقى شمسا تشرق في كل نفس.