سيدهشك هؤلاء!

أمة ضاربة جذورها في التاريخ برجالها ونسائها وقادتها وشبابها وفتياتها الكبار صُنّاع الحياة، أداروا أمتهم وتعاملوا مع الإنسانية جمعاء دون تفرقة أو عنصرية أو كراهية، أو فسادٍ في الأرض، بل عمروها فأحسنوا الإعمار في مساحاتها الواسعة بمختلف المجالات، فسادوا الدنيا وأدهشوا الجميع بما قدموا من أعمال البناء والإنجازات وصنائع المجد والعزة والبشائر، ومن رايات النصر والتمكين، والخير لأمتهم وللبشرية، ومازال التاريخ بصفحاته البيضاء يذكرهم ويفتخر بهم إلى أن تقوم الساعة فرضي الله عنهم. "فكل بناء أو نهضة إذا لم تكن الشريعة والوحي من أولوياتها فهي في ضياع"، وإن ظهر لك زخرفها ومحاسنها، (( ومن يبتغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) فالمشهد والطريق واضح. سيُدهشُك الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي موقفه الصلب الواضح ضد من يريد تعطيل شرع الله وفريضة من فرائضه، بل وفي كل موقف وواقعة سيُدهشُك أبو بكر رضي الله عنه فيها. سيدهشك الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدله ومواقفه مع رعيته، وفي أوَلياته، وفي فتوحاته الخالدة في القادسية وغيرها من المعارك والفتوحات. سيدهشك الخليفة الراشد ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه في حيائه وتعلقه الكبير بكتاب الله تعالى، وفي تجارته ذات المال الوفير، وفي قراراته وكيف تعامل مع قضايا الأمة الكبرى، وسيُدهشُك كيف كان استشهاده واستقباله له رضي الله عنه. سيدهشك علي بن أبي طالب أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عنهم في جنديته في ساحات الأخطار ومواقف البطولة والرجولة والشجاعة لنصرة دينه، وفي علمه وعمله وتقواه وعبادته وعزيمته، وسيدهشك كيف كان مع فاطمة رضي الله عنها زوجه. سيدهشك الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله في رفاهية الأمة والرفق برعيته وعدله وحكمته وإصلاحه وسياسته في إدارة شؤون الأمة مع اتساع رقعة مساحتها. سيدهشك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أبوعبد الله في صلابته وثباته في وجه الظالمين وأذنابهم. سيدهشك القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كيف وحّد الأمة، وأدار أولوياته بحكمة وقوة في تحرير بيت المقدس، إلى أن أتى على ما يريد رحمه الله من تحرير البيت المقدس من براثن الصليبية الحاقدة، وما زالت. سيدهشك القائد السلطان سليمان القانوني رحمه الله في جهاده، وكيف أدار دولة لها من الاتساع والحدود أقصى مبلغ، وكذلك بأرقى نظام إداري وبقوانين تُنظم شؤون الحياة في دولته الكبيرة. سيُدهشُك الفاتح القائد محمد الفاتح رحمه الله كيف جمع بين القوة والعدل والإنصاف حتى مع أعداء الأمة، وفي ميادين الجهاد والقتال، وما فتح القسطنطينية إلاّ شاهد على ذلك. سيدهشك السلطان عبدالحميد رحمه الله في وقفته ضد أعداء الأمة والعملاء، وحرصه الشديد على جمع كلمة الأمة، ودفاعه عن فلسطين وعدم تنازله عن شبر واحد من أرض فلسطين المباركة لبني صهيون يهود المكر، رغم كل الإغراءات اليهودية، فكان الرد والحزم والحسم والوضوح من السلطان رحمه الله " لأنها ليست ملكي، بل هي ملك شعبي، وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض، ورووها بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم، إذا مزقت دولتي، من الممكن الحصول على فلسطين بدون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ أولاً في جثتنا، ولكن لا أوافق على تشريح جثتي وأنا على قيد الحياة". رحمك الله أيها السلطان. سيدهشك الإمام الفقيه المحدث أبو حنيفة النعمان، وشيخ الإسلام، وحجَّة الأمَّة، وإمام دار الهجرة، أبوعبد الله، مالك بن أنس، والإمام الشافعي رحمه الله محمد بن إدريس إمام عصره وفريد دهره، والإمام العالم العامل العز بن عبدالسلام الجريء بالحق، والشيخ المعلم المربي آق شمس الدين والعَلَم الناصح الأمين للحاكم والقائد السلطان والأمة، وخير الدين بربروس القائد البحري العثماني مدرسة في القتال والجهاد في سبيل الله وصاحب الإنجازات والانتصارات، والداعية العامل الشيخ أحمد ديدات، والرائد العامل في العمل الخيري الداعية العامل الدكتور عبدالرحمن السميط وغيرهم الكثير رحمهم الله. وما زالت الأمة تخرج لنا من سيدهشك في مواقفه وتميزه وأعماله وخدمته لدينه وأمته والإنسانية، فهذه الأمة لن تموت، والمستقبل لدين الإسلام رغم كل الجراح. "ومضة" ما عاش هؤلاء يوماً لذواتهم ولا لرفاهيتهم ولمصالحهم الشخصية، ولا سرقة ثروات شعوبهم، ولا لخدمة من حولهم من الأتباع، ولا لطعن أمتهم وشعوبهم بالخيانة والتآمر عليها. وإن أمة فيها هؤلاء الكبار لهي آمنة تمتلك مفاتيح العز والتمكين والريادة والقيادة. نعم سيدهشك هؤلاء بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ فـ"ليس لرايات الباطل إلاّ رايات الحق، ولا لرجال الفساد إلاّ صُنّاع الحياة"!. سيدهشك هؤلاء!. [email protected]