09 أكتوبر 2025

تسجيل

الوقوف على الأطلال أو تصور المستقبل ؟

08 مارس 2020

إعداد الطلبة كمبادرين نحو إنشاء مشاريع هادفة العيش في الماضي يحمل الحنين في طياته والإحساس بالقرب من نبع الأصالة ومحاذات روائع الأيام وشحن لمخلية الإنسان واتكاء على إنجازات أو عراقة الأحداث، وكأن الماضي يحمل في جنباته الحياة المثالية، وقد تكون تلك وليدة الكآبة والحيرة لعدم القدرة على الحراك للمستقبل لعدم توافر الأدوات والوسائل، وقد يكون نتاج التردد أو الخوف من مستقبل لم يتحدد بعد ويحتاج لشباب مبادر لا يخاف المجهول بل يقدم ليصنعه، وتلك مجازفة لا يستوعبها الكُتَّاب والمفكرين، فهم معتادون على المألوف والمعتاد والروتين والبيروقراطية. قليل من يكتب عن الخيال العلمي والذي يضئ للإنسانية شكل المستقبل، ولكن إقليمنا الخليجي والعالم العربي يفتقر للكاتب العالم، كاتب رويات الخيال العلمي، فنجد كتابنا يدورون في حلقة حول الماضي، دون الخروج عن ذلك السياق الأدبي المعتاد وكأن الإنسان غير قادر على إبداع مستقبل أفضل من الماضي، وهذه المعضلة لدى كتابنا تغلق باب الإبداع في المشاريع العلمية والتقنيات والبحث والتطوير، كنت أعتقد أن مؤسساتنا هي من يفتقد الإبداع ويبني مؤسسات وشركات لا تعتمد البحث والتطوير مما يعني أن شركاتنا ومؤسساتنا تجتر عملياتها بشكل يومي تكراراً ومراراً أي انه دون وجود مراكز أبحاث لدى مؤسساتنا إنما هي في مكانك سر دون أن تتقدم شبرا لأن الحراك للأمام زمنياً يعني إرادة خلق ما هو جديد من خلال البحث والتطوير، لكن إذا انعدمت وظيفة البحث و التطوير كيف ستتمكن شركاتنا ومؤسساتنا من تطوير عملها أو ابتكار ما هو جديد، إذاً شركاتنا كما هم كتابنا فاقدون لعاملي البحث والتطوير مما يعرض المجتمع لمثل هذا الركود والركون لتكرار نمط العمل حتى تأتي الشركات والمؤسسات الخارجية، في العالم نرى أن الاقتصاد يبنى على الشركات والمبادرات والمشاريع المحديثة ولذلك نرى الشركات قصيرة العمر هي الشركات العملاقة والتي تهيمن على الاقتصاد العالمي، ولكنها تجعل الإنسان محور عملها والبحث والتطوير محركها و وقودها العلم والمعرفة ولا تقف عند الأطلال برومانسيتنا التي ما زالت تعمل كالمرساة دون أن نعي ذلك، الحياة والمؤسسات الألمانية ترى في التغير فرصتها وتبحث عن ثغرة للولوج لعالم الأعمال من باب الإبداع والمجازفة التي ينفر منها مؤسساتنا ومجتمعنا، اليوم وفي خضم عالم متحرك متحول متطور متسارع لا تملك الأمم والدول والمجتمعات إلى حض السير للأمام لاقتحام المستقبل وعدم التلكؤ أو التردد أو التقاعس، ليكون التغير هو فرسنا للتغير، والمبادرون هم أبطال هذا العصر، كثير التموج والتقلب و راس المال المجازف هو وقود هذا التغير والمستثمر هو من يقود هذا الحراك، لا بد أن نختار الدرب الوقوف بالأطلال أم تصور المستقبل تحديد الخيار يعني خلق مؤسسات تعليميه تعد الأجيال للمستقبل وإن كان الخيار هو خلق المستقبل و رسمه اذاً تغير في مفهوم الغاية من التعليم وهذا سيغير منظورنا لمخرجات التعليم، لم تعد نـظرية إعداد الطلبة لمتطلبات السوق كما يتردد من قبل المسؤولين عن التعليم صالحة بل أصبح إعداد الطلبة ليصبحوا مبادرين و لينشئوا مشاريعهم وشركاتهم التي تخدم الإنسانية فيكونوا قادة ومستقلين ومبادرين ومجازفين. يخلقون المستقبل تفصيل بعد تفصيل، لقد استثمرت الدولة في مراكز الأبحاث والجامعات ونظم التعليم ولا بد لنا كمجتمع من الاستفادة من هذه الجهود والاستثمارات هو الصالح، وعودة روح المجتمع لاستقلالية الأفراد فالإنسان في هذه الأرض كان مستقلاً مجازفا يعتمد على ذاته ما قبل النفط وجاء النفط ليجعل من الإنسان موظفا وليكتسب ثقافة الموظف الذي لا يأخذ قرارا ولا يتجاوز الروتين لا يجازف و لا يملك الإرادة للتغير، ولكن يعود إنسان هذه الأرض بفضل التقنيات وضرورة أن يخلق عمله فإعداد الخرجين تزداد سنة عن سنة وستجد الدولة أنها عاجزة عن توفير الوظائف لكل خريج، هي الضرورة التي ستدفع الدولة والمجتمع لخلق أفراد مبادرين مبدعين مجازفين وتوفر لهم الدولة مناخا يسمح بالإبداع وتوفر من خلال مؤسسات راس المال المجازف والذي سيخلق ثروة المستقبل.