20 سبتمبر 2025

تسجيل

رحمة للعالمين

08 مارس 2016

حين رأى النبي الكريم "قساوة قريش معه، ارتأى استخدام تكتيك جديد ضمن إستراتيجية الدعوة والانتقال بها لخارج مكة، فلعله يثمر ويجد من ينصره"، فكانت رحلته مع زيد بن حارثة إلى الطائف، ثاني المدائن العربية يوم ذاك.ما إن وصل حتى بدأ يدعو أشراف ثقيف، وظل كذلك أياما دون نتيجة تُذكر حتى بدأ القوم بالتحرش والتطاول عليه بفحش الكلام، بل طالبوه بمغادرتهم، فقد سئموا من وجوده، فما كان منه أن استجاب إليهم وكله أمل أن يعاود التواصل معهم مستقبلاً، فلعل الله يهديهم.لكن ما اكتفى القوم بالإساءات اللفظية نحوه وتأثيراتها النفسية، بل وصلت بهم النذالة أن دعوا غلمانهم وصبيانهم وسفهاء القوم أن يقفوا صفين يرمونه "بالحجارة، وزيد يدفع عنه حتى أدموا قدميهما وبعض أجزاء من أجسادهما الطيبة، فكان منظرهما باعثاً للشفقة والرأفة إلى الدرجة التي رقت قلوب أعتى وأقسى زعماء قريش، عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة، وقد رأوا النبي الكريم "يدخل بستانهم والدماء تنزف منه، فما كان منهما إلا أن أرسلا غلاماً لهما يعمل بالبستان يحمل عنقوداً من عنب".لقد حزن حزنا شديدا لما رآه في الطائف، حيث لم يكن يتوقعه أبداً، فدعا بدعوته المشهورة: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي.."، وما إن انتهى حتى رفع رأسه كما يقول عن الموقف: "فإذا أنا بسحابة قد ظللتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وماردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين - جبلان بمكة - فقال "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا".هكذا كانت رحمته وسعة صدره وأفقه البعيد ورؤيته الواضحة، وقد كان ما تمناه "حيث لعبت ثقيف دورا في تاريخ الإسلام، بل هي من ثبتت على الإسلام يوم ارتد كثيرون، وما ذاك إلا بفضل رحمة نبي الرحمة".. ألا يستحق مثل هذا العظيم ديمومة الصلاة والسلام عليه، في كل وقت وكل حين؟ صلى الله عليك يا رسول الله.