14 سبتمبر 2025
تسجيللا تستطيع أن تصنع كاتبا دون موهبة، إذ لا تستطيع أن تفرض عليه إحساس الكاتب وهو لا يملكه، فالكتابة بالدرجة الأولى إحساس وهذا الإحساس تتولد منه موهبة تضع الكاتب باستمرار في حالة عشق بينه وبين القلم. تلفت انتباهي كثيراً إقامة الورش الخاصة بالكتابة، هذه الظاهرة التي لا أقتنع بها إلا إذا كانت هذه الورش تفرض أن يكون المتدربون فيها على درجة كبيرة من الموهبة التي تحددها من خلال تجارب سابقة لهم في الكتابة ولابد أن يتقدموا بتجاربهم قبل أن يتم قبولهم للانضمام للورش وأن يجري اختيارهم بدقة عالية، فالكتابة بالدرجة الأولى عمل فردي يعتمد على الموهبة والإحساس، لا على التدريب والحفظ.الكتابة بوح قبل أن تكون مهنة، الكتابة فضفضة قبل أن تكون مجرد كلمات تصطف على السطور ولنا أن نلاحظ كيف أصبحت معظم الكتابات في عالمنا العربي خالية من العمق والإحساس والإبداع. تلك الكتابات هي وليدة ورش تفرض نوعا وأسلوبا محددين وتوجه القلم توجيها خالياً من التجربة بعيدا عن الموقف، فأصبحت الكتابة مجرد ثرثرة على الورق. ظاهرة الورش الخاصة بالكتابة ليست جديدة على الثقافة العربية، بل متأصلة فيها وقد قرأت في الأدب العربي أنه في العصر العباسي كانت تنظم ورش للتدريب على الشعر والعروض على يد عمالقة الشعر والأدب في ذلك العصر. أما في هذا العصر فيمكن من خلال الورش تعليم بعض مبادئ الكتابة الأدبية كأي فن آخر، مثل العزف على آلة موسيقية أو الخط أو الرسم، لكن هذا لا ينتج بالضرورة فناناً عظيماً أو كاتباً مهمّاً، ما لم تتوافر فيه الموهبة الكبيرة والشخصية الخاصة والشغف غير المحدود والتجربة المؤثرة، فدور الورش مساعدة الراغب في الكتابة على تقصير المسافات واختصار الوقت عن طريق جمع بعض الخبرات والمهارات من مصادر مختلفة وتقريبها منه، إضافة إلى تعريفه بمجموعة متنوعة من الأساليب والمدارس، ولكن مهمتها ليست إنتاج كتّاب ناجحين، فهذه مسألة تعتمد بالأساس على مقدار موهبة الكاتب ومدى دأب الكاتب الجديد وصبره ومثابرته، وكذلك وعيه بالكتابة وبكل شيء حوله، وهو أمر لا يمكن لأي ورشة في الدنيا أن تصنعه وتزرعه في قلب الكاتب. (خلاصة الكلام)الكتابة تأتي من الألم تأتي من العشق، من الغربة، من الأبواب الموصدة في وجه الأحلام تأتي من انكسار الأمنيات، من ولادة الأمل، من اختناق الصوت حين البكاء الكتابة ميلاد وروح تتولد من روح